Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 40-43)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } فيه قولان : أحدهما : أنه محمول على الجراح التي تتمثل في القصاص دون غيرها من سب أو شتم ، قاله الشافعي ، وأبو حنيفة ، وسفيان . الثاني : أنه محمول على مقابلة الجراح ، وإذا قال أخزاه الله أو لعنه الله أن يقول مثله ، ولا يقابل القذف بقذف ولا الكذب بكذب ، قاله ابن أبي نجيح والسدي . وسمي الجزاء سيئة لأنه في مقابلتها وأنها عند المعاقب بها سواء . { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } فأذن في الجزاء وندب إلى العفو . وفي قوله : { وأَصْلَحَ } وجهان : أحدهما : أصلح العمل ، قاله سعيد بن جبير . الثاني : أصلح بينه وبين أخيه ، قاله ابن زياد ، وهذا مندوب إليه في العفو عن التائب دون المصرّ . روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ . مَن كَانَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ الجَنَّةَ ، فَيُقَالُ مَن ذَا الَّذي أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَيَقُولُونَ العَافُونَ عَنِ النَّاسِ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ " . { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظّالِمِينَ } فيه وجهان : أحدهما : الظالمين في الابتداء ، قاله سعيد بن جبير . الثاني : المعتدي في الجزاء ، قاله ابن عيسى . قوله عز وجل : { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } أي استوفى حقه بنفسه . { فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ } وهذا ينقسم ثلاثة أقسام : أحدها : أن يكون قصاصاً في بدن يستحقه آدمي فلا حرج عليه فيه إذا استوفاه من غير عدوان ، وثبت حقه عند الحكام ، لكن يزجره الإمام في تفرده بالقصاص لما فيه من الجرأة على سفك الدماء ، وإن كان حقه غير ثابت عند الحكام فليس عليه فيما بينه وبين الله حرج وهو في الظاهر مطالب وبفعله مؤاخذ . والقسم الثاني : أن يكون حداً لله لا حق فيه لآدمي كحد الزني وقطع السرقة . فإن لم يثبت ذلك عند حاكم أخذ به وعوقب عليه ، وإن ثبت عند حاكم نظر فإن كان قطعاً في سرقة سقط به الحد لزوال العضو المستحق قطعه ، ولم يجب عليه في ذلك حق إلا التعزير أدباً ، وإن كان جلداً لم يسقط به الحد لتعديه به مع بقاء محله وكان مأخوذاً بحكمه . القسم الثالث : أن يكون حقاً في مال فيجوز لصاحبه أن يغالب على حقه حتى يصل إليه إن كان من هو عليه عالماً به ، وإن كان غير عالم نظر ، فإن أمكنه الوصول إليه عند المطالبة لم يكن له الاستسرار بأخذه ، وإن كان لا يصل إليه بالمطالبة لجحود من هو عليه مع عدم بينة تشهد به ففي جواز الاستسرار بأخذه مذهبان : أحدهما : جوازه ، وهو قول مالك ، والشافعي . الثاني : المنع ، قاله أبو حنيفة . قوله عز وجل : { إِنَّما السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ } فيه قولان : أحدهما : يظلمون الناس بعدوانهم عليهم وهو قول كثير منهم . الثاني : يظلمونهم بالشرك المخالف لدينهم ، قاله ابن جريج . { وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه بغيهم في النفوس والأموال ، وهو قول الأكثرين . الثاني : عملهم بالمعاصي ، قاله مقاتل . الثالث : هو ما يرجوه كفار قريش أن يكون بمكة غير الإسلام ديناً ، قاله أبو مالك . قوله عز وجل : { وَلَمِنَ صَبَرَ وَغَفَرَ } يحتمل وجهين : أحدهما : صبر على الأذى وغفر للمؤذي . الثاني : صبر عن المعاصي وستر المساوىء . ويحتمل قوله : { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } وجهين : أحدهما : لمن عزائم الله التي أمر بها . الثاني : لمن عزائم الصواب التي وفق لها . وذكر الكلبي والفراء أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع ثلاث آيات قبلها وقد شتمه بعض الأنصار فرد عليه ثم أمسك ، وهي المدنيات من هذه السورة .