Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 17-33)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَوْمَ فِرْعَوْنَ } أي ابتليناهم . { وَجَآءَهُمْ رَسُولُ كَرِيمٌ } وهو موسى بن عمران عليه السلام . وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : كريم على ربه ، قاله الفراء . الثاني : كريم في قومه . الثالث : كريم الأخلاق بالتجاوز والصفح . قوله عز وجل : { أَنْ أَدُّواْ إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أي أرسلوا معي بني إسرائيل ولا تستعبدوهم ، قاله مجاهد . الثاني : أجيبوا عباد الله خيراً ، قاله أبو صالح . الثالث : أدوا إليَّ يا عباد الله ما وجب عليكم من حقوق الله ، وهذا محتمل . { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } يحتمل وجهين : أحدهما : أمين على أن أؤديه لكم فلا أتزيد فيه . الثاني : أمين على ما أستأديه منكم فلا أخون فيه . قوله عز وجل : { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى اللَّهِ } فيه أربعة تأويلات : أحدها : لا تبغوا على الله ، قاله قتادة . الثاني : لا تفتروا على الله ، قاله ابن عباس ، والفرق بين البغي والافتراء أن البغي بالفعل ، والافتراء بالقول . الثالث : لا تعظموا على الله ، قاله ابن جريج . الرابع : لا تستكبروا على عباد الله ، قاله يحيى . والفرق بين التعظيم والاستكبار أن التعظيم تطاول المقتدر ، والاستكبار ترفع المحتقر . { إِنِّي ءَاتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } فيه وجهان : أحدهما : بعذر مبين ، قاله قتادة . الثالث : بحجة بينة ، قاله يحيى . قوله عز وجل : { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ } فيه وجهان : أحدهما : لجأت إلى ربي وربكم . الثاني : استغثت . والفرق بينهما أن الملتجىء مستدفع والمستغيث مستنصر . قوله : { بَرَبِّي وَرَبِّكُمْ } أي ربي الذي هو ربكم . { أَن تَرْجُمُونِ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : بالحجارة ، قاله قتادة . الثاني : أن تقتلوني ، قاله السدي . الثالث : أن تشتموني بأن تقولوا ساحر أو كاهن أو شاعر ، قاله أبو صالح . { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَاعْتَزِلُونِ } أي إن لم تؤمنوا بي وتصدقوا قولي فخلوا سبيلي وكفوا عن أذاي . قوله عز وجل : { وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً } فيه سبعة تأويلات : أحدها : سمتاً ، قاله ابن عباس . الثاني : يابساً ، قاله ابن أبي نجيح . الثالث : سهلاً ، قاله الربيع . الرابع : طريقاً ، قاله كعب والحسن . الخامس : منفرجاً ، قاله مجاهد . السادس : غرقاً ، قاله عكرمة . السابع : ساكناً ، قاله الكلبي والأخفش وقطرب . قال القطامي : @ يمشين رهواً فلا الأعجاز خاذلةٌ ولا الصدور على الأعجاز تتكل @@ قال قتادة : لما نجا بنو إسرائيل من البحر وأراد آل فرعون أن يدخلوه خشي نبي الله موسى عليه السلام أن يدركوه فأراد أن يضرب البحر حتى يعود كما كان فقال الله تعالى : { وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً } أي طريقاً يابساً حتى يدخلوه . { إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } قال مقاتل : هو النيل ، وكان عرضه يومئذٍ فرسخين ، قال الضحاك : كان غرقهم بالقلزم وهو بلد بين مصر والحجاز . فإن قيل فليست هذه الأحوال في البحر من فعل موسى ولا إليه . قيل يشبه أن يكون الله تعالى قد أعلمه أنه إنْ ضرب البحر بعصاه ثانية تغيرت أحواله ، فأمره أن يكف عن ضربه حتى ينفذ الله قضاءه في فرعون وقومه . وتأويل سهل بن عبد الله { وَاتْرُكِ الْبَحْرَ } أي اجعل القلب ساكناً في تدبيري { إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُّغْرَقُونَ } أي إن المخالفين قد غرقوا في التدبير . قوله عز وجل : { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } الجنات البساتين . وفي العيون قولان : أحدهما : عيون الماء ، وهو قول الجمهور . الثاني : عيون الذهب ، قاله ابن جبير . { وَزُرُوعٍ } قيل إنهم كانوا يزرعون ما بين الجبلين من أول مصر إلى آخرها ، وكانت مصر كلها تروى من ستة عشر ذراعاً لما دبروه وقدروه من قناطر وجسور . { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها المنابر ، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد . الثاني : المساكن ، قاله أبو عمرو والسدي ، لمقام أهلها فيها . الثالث : مجالس الملوك لقيام الناس فيها . ويحتمل رابعاً : أنه مرابط الخيل لأنها أكرم مذخور لعدة وزينة . وفي الكريم ثلاثة أوجه : أحدها : هو الحسن ، قاله سعيد بن جبير . الثاني : هو المعطي لديه كما يعطي الرجل الكريم صلته ، قاله ابن عيسى . الثالث : أنه كريم لكرم من فيه ، قاله ابن بحر . قوله عز وجل : { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } في النعمة هنا أربعة أوجه : أحدها : نيل مصر ، قاله ابن عمر . الثاني : الفيّوم ، قاله ابن لهيعة . الثالث : أرض مصر لكثرة خيرها ، قاله ابن زياد . الرابع : ما كانوا فيه من السعة والدعة . وقد يقال نعمة ونِعمة بفتح النون وكسرها ، وفي الفرق بينهما وجهان : أحدهما : أنها بكسر النون في الملك ، وبفتحها في البدن والدين ؛ قاله النضر بن شميل . الثاني : أنها بالكسر من المنة وهو الإفضال والعطية ، وبالفتح من التنعم وهو سعة العيش والراحة ، قاله ابن زياد . وفي { فاكهين } ثلاثة أوجه : أحدها : فرحين ، قاله السدي . الثاني : ناعمين ، قاله قتادة . الثالث : أن الفاكه هو المتمتع بأنواع اللذة كما يتمتع الآكل بأنواع الفاكهة ، قاله ابن عيسى . وقرأ يزيد بن القعقاع { فَكِهِينَ } ومعناه معجبين . قوله عز وجل { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً ءَاخَرِينَ } يعني بني إسرائيل ملكهم الله أرض مصر بعد أن كانوا فيها مستعبدين ، فصروا لها وارثين لوصول ذلك إليهم كوصول الميراث . قوله عز وجل : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِم السَّمَآءُ وَالأَرْضُ } فيه أربعة أوجه : أحدها : يعني أهل السماء وأهل الأرض ، قاله الحسن . الثاني : أن السماء والأرض تبكيان على المؤمن أربعين صباحاً ؛ قاله مجاهد . قال أبو يحيى : فعجبت من قوله ، فقال أتعجب ؟ وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود ؟ وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل ؟ الثالث : أنه يبكي عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء ، قاله علي كرم الله وجهه . وتقديره فما بكت عليهم مصاعد عملهم من السماء ولا مواضع عبادتهم من الأرض . وهو معنى قول سعيد بن جبير . الرابع : ما رواه يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلا وله في السماء بابان ، باب ينزل منه رزقه ، وباب يدخل منه كلامه وعمله ، فإذا مات فقداه فبكيا عليه " ثم تلا هذه الآية . وفي بكاء السماء والأرض ثلاثة أوجه : أحدها : أنه كالمعروف من بكاء الحيوان ويشبه أن يكون قول مجاهد . الثاني : أنه حمرة أطرافها ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعطاء . وحكى جرير عن يزيد بن أبي زياد قال : لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما احمر له آفاق السماء أربعة أشهر ، واحمرارها بكاؤها . الثالث : أنها أمارة تظهر منها تدل على حزن وأسف . كقول الشاعر : @ والشمس طالعة ليست بكاسفة تبكي عليك نجوم الليل والقمرا @@ { وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } فيه وجهان : أحدهما : مؤخرين بالغرق ، قاله الكلبي . الثاني : لم ينظروا بعد الآيات التسع حتى أغرقوا ، قاله مقاتل . قوله عز وجل : { وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ } معناه على علم منا بهم . وفي اختياره لهم ثلاثة أوجه : أحدها : باصطفائهم لرسالته ، والدعاء إلى طاعته . الثاني : باختيارهم لدينه وتصديق رسله . الثالث : بإنجائهم من فرعون وقومه . وفي قوله : { عَلَى الْعَالَمِينَ } قولان : أحدهما : على عالمي زمانهم ، لأن لكل زمان عالماً ، قاله قتادة . الثاني : على كل العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء . وهذا خاصة لهم وليس لغيرهم ، حكاه ابن عيسى . قوله عز وجل : { وءَاتَيْنَاهُمْ مِّنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلآءٌ مُّبِينٌ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه أنجاهم من عدوهم وفلق البحر لهم وظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى ، قاله قتادة . ويكون هذا الخطاب متوجهاً إلى بني إسرائيل . الثاني : أنها العصا ويده البيضاء ، ويشبه أن يكون قول الفراء . ويكون الخطاب متوجهاً إلى قوم فرعون . الثالث : أنه الشر الذي كفهم عنه والخير الذي أمرهم به ، قاله عبد الرحمن بن زيد . ويكون الخطاب متوجهاً إلى الفريقين معاً من قوم فرعون وبني إسرائيل . وفي قوله { مَا فِيهِ بَلآءٌ مُّبِينٌ } ثلاثة تأويلات : أحدها : نعمة ظاهرة ، قاله الحسن وقتادة كما قال تعالى { وَليُبْلَي الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلآءً حَسَناً } وقال زهير : @ فأبلاه خير البلاء الذي يبلو @@ الثاني : عذاب شديد ، قاله الفراء . الثالث : اختيار بيِّن يتميز به المؤمن من الكافر ، قاله عبد الرحمن بن زيد .