Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 21-25)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ } وهو هود بعث إلى عاد ، وكان أخاهم في النسب لا في الدين لأنه مناسب وإن لم يكن أخا أحد منهم . { إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ } وهي جمع حقف ، وهو ما استطال واعوج من الرمل العظيم ، ولا يبلغ أن يكون جبلاً . ومنه قول العجاج : @ بات إلى أرطاة حقف أحقفا … @@ أي رمل مستطيل مشرق . وفيما أريد بالأحقاف هنا خمسة أقاويل : أحدها : أن الأحقاف رمال مشرقة كالجبال ، قاله ابن زيد ، وشاهده ما تقدم ، وقال هي رمال مشرقة على البحر بالسحر في اليمن . الثاني : أن الأحقاف أرض من حسمي تسمى الأحقاف ، قاله مجاهد . الثالث : أنه جبل بالشام يسمى الأحقاف ، قاله الضحاك . الرابع : هو ما بين عمان وحضرموت ، قاله ابن إسحاق . الخامس : هو واد بين عُمان ومهرة ، قاله ابن عباس . وروى أبو الطفيل عن علي كرم الله وجهه أنه قال : خير واد بين في الناس واد بمكة ، وواد نزل به آدم بأرض الهند ، وشر واديين في الناس وادي الأحقاف ، ووادٍ بحضرموت يدعى برهوت تلقى فيه أرواح الكفار ، وخير بئر في الناس بئر زمزم ، وشر بئر في الناس بئر برهوت وهي ذلك الوادي حضرموت . { وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } أي قد بعث الرسل من قبل هود ومن بعده ، قال الفراء ، من بين يديه من قبله ، ومن خلفه من بعده وهي في قراءة ابن مسعود : { مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ بَعدِهِ } . قوله عز وجل : { قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَأفِكَنَا عَنْ ءَالِهَتِنَا } فيه وجهان : أحدهما : لتزيلنا عن عبادتها بالإفك . الثاني : لتصدنا عن آلهتنا بالمنع ، قاله الضحاك . قوله عز وجل : { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتهِمْ } يعني السحاب . وأنشد الأخفش لأبي كبير الهذلي : @ وإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المنهال @@ وفي تسميته عارضاً ثلاثة أقاويل : أحدها : لأنه أخذ في عرض السماء ، قال ابن عيسى . الثاني : لأنه يملأ آفاق السماء ، قال النقاش . الثالث : لأنه مار من السماء . والعارض هو المار الذي لا يلبث وهذا أشبه . { قَاُلواْ هَذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } حسبوه سحاباً يمطرهم ، وكان المطر قد أبطأ عليهم . { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذابٌ أَلِيمٌ } كانوا حين أوعدهم هود استعجلوه استهزاء منهم بوعيده ، فلما رأوا السحاب بعد طول الجدب أكذبوا هوداً وقالوا : هذا عارض ممطرنا . ذكر أن القائل ذلك من قوم عاد ، بكر بن معاوية . فلما نظر هود إلى السحاب قال : بل هو ما استعجلتم به ، أي الذي طلبتم تعجيله ريح فيها عذاب أليم وهي الدبور . وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نُصِرْتُ بِالصبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ " فنظر بكر بن معاوية إلى السحاب فقال : إني لأرى سحاباً مُرْمِداً ، لا يدع من عَادٍ أحداً . فذكر عمرو بن ميمون أنها كانت تأتيهم بالرجل الغائب حتى تقذفه في ناديهم . قال ابن اسحاق : واعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه هو ومن معه فيها إلا ما يلين على الجلود وتلتذ الأنفس به ، وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض . وحكى الكلبي أن شاعرهم قال في ذلك : @ فدعا هود عليهم دعوة أضحوا همودا عصفت ريح عليهم تركت عاداً خمودا سخرت سبع ليال لم تدع في الأرض عودا @@ وعمَّر هود في قومه بعدهم مائة وخمسين سنة .