Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 14-18)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { قَالَتِ الأَعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا … } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنهم أقروا ولم يعملوا ، فالإسلام قول والإيمان عمل ، قاله الزهري . الثاني : أنهم أرادوا أن يتسموا باسم الهجرة قبل أن يهاجروا فأعلمهم أن اسمهم أعراب ، قاله ابن عباس . الثالث : أنهم مَنُّوا على رسول الله صلى الله بإسلامهم فقالوا أسلمنا ، لم نقاتلك ، فقال الله تعالى لنبيه : قل لهم : لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا خوف السيف ، قاله قتادة . لأناهم آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم ، فلم يكونوا مؤمنين ، وتركوا القتال فصاروا مستسلمين لا مسلمين ، فيكون مأخوذاً من الاستسلام لا من الإسلام كما قال الشاعر : @ طال النهار على من لا لقاح له إلا الهدية أو ترك بإسلام @@ ويكون الإسلام والإيمان في حكم الدين على هذا التأويل واحداً وهو مذهب الفقهاء ، لأن كل واحد منهما تصديق وعمل . وإنما يختلفان من وجهين : أحدهما : من أصل الاسمين لأن الإيمان مشتق من الأمن ، والإسلام مشتق من السلم . الثاني : أن الإسلام علم لدين محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان لجميع الأديان ، ولذلك امتنع اليهود والنصارى أن يتسموا بالمسلمين ، ولم يمتنعوا أن يتسموا بالمؤمنين . قال الفراء : ونزلت هذه الآية في أعراب بني أسد . قوله عز وجل : { … لاَ يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيئاً } فيه وجهان : أحدهما : لا يمنعكم من ثواب عملكم شيئاً ، قال رؤبة : @ وليلة ذات سرى سريت ولم يلتني عن سراها ليت @@ أي لم يمنعني عن سراها . الثاني : ولا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئاً ، قال الحطيئة : @ أبلغ سراة بني سعد مغلغلة جهد الرسالة لا ألتاً ولا كذباً @@ أي لا نقصاً ولا كذباً . وفيه قراءتان : { يَلِتْكم } و { يألتكم } وفيها وجهان : أحدها : [ أنهما ] لغتان معناهما واحد . الثاني : يألتكم أكثر وأبلغ من يلتكم . قوله عز وجل : { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُم } الآية . هؤلاء أعراب حول المدينة أظهروا الإسلام خوفاً ، وأبطنوا الشرك اعتقاداً فأظهر الله ما أبطنوه وكشف ما كتموه ، ودلهم بعلمه بما في السموات والأرض علم علمه بما اعتقدوه ، وكانوا قد منوا بإسلامهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا فضلنا على غيرنا بإسلامنا طوعاً . فقال تعالى : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُونُّوا عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ } وهذا صحيح لأنه إن كان إسلامهم حقاً فهو لخلاص أنفسهم فلا مِنَّةَ فيه لهم ، وإن كان نفاقاً فهو للدفع عنهم ، فالمنة فيه عليهم . ثم قال : { بِلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أن هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ } يحتمل وجهين : أحدهما : أن الله أحق أن يمن عليكم أن هداكم للإيمان حتى آمنتم . وتكون المنة هي التحمد بالنعمة . الثاني : أن الله تعالى ينعم عليكم بهدايته لكم ، وتكون المنة هي النعمة . وقد يعبر بالمنة عن النعمة تارة وعن التحمد بها أخرى . { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يعني فيما قلتم من الإيمان .