Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 1-2)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ } فيها خمسة أقاويل : أحدها : أنها عهود الله ، التي أخذ بها الإِيمان ، على عباده فيما أحله لهم ، وحرمه عليهم ، وهذا قول ابن عباس . والثاني : أنها العهود التي أخذها الله تعالى على أهل الكتاب أن يعملوا بما في التوراة ، والإِنجيل من تصديق محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول ابن جريج . والثالث : أنها عهود الجاهلية وهي الحلف الذي كان بينهم ، وهذا قول قتادة . الرابع : عهود الدين كلها ، وهذا قول الحسن . والخامس : أنها العقود التى يتعاقدها الناس بينهم من بيع ، أو نكاح ، أو يعقدها المرء على نفسه من نذر ، أو يمين ، وهذا قول ابن زيد . { أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ } فيها ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها الأنعام كلها ، وهي الإِبل ، والبقر ، الغنم ، وهذا قول قتادة ، والسدي . والثاني : أنها أجنة الأنعام التى توجد ميتة فى بطون أمهاتها ، إذا نحرت أو ذبحت ، وهذا قول ابن عباس ، وابن عمر . والثالث : أن بهيمة الأنعام وحشيها كالظباء وبقر الوحش ، ولا يدخل فيها الحافر ، لأنه مأخوذ من نعمة الوطء . قوله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللَّهِ } أى معالم الله ، مأخوذ من الإِشعار وهو الإِعلام . وفي شعائر الله خمسة تأويلات : أحدها : أنها مناسك الحج ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد . والثاني : أنها ما حرمه الله فى حال الإحرام ، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً . والثالث : أنها حرم الله ، وهو قول السدي . والرابع : أنها حدود الله فيما أحل وحرَّم وأباح وحظَّر ، وهو قول عطاء . والخامس : هي دين الله كله ، وهو قول الحسن ، كقوله تعالى : { ذّلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } [ الحج : 22 ] أى دين الله . { وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ } أي لا تستحلوا القتال فيه ، وفيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه رَجَبُ مُضَر . والثاني : أنه ذو العقدة ، وهو قول عكرمة . والثالث : أنها الأشهر الحرم ، وهو قول قتادة . { وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلاَئِدَ } أما الهدي ففيه قولان : أحدهما : أنه كل ما أهداه من شيء إلى بيت الله تعالى . والثاني : أنه ما لم يقلّد من النعم ، وقد جعل على نفسه ، أن يُهديه ويقلده ، وهو قول ابن عباس . فأما القلائد ففيها ثلاثة أقاويل : أنها قلائد الهدْي ، وهو قول ابن عباس ، وكان يرى أنه إذا قلد هديه صار مُحرِماً . والثاني : أنها قلائد من لحاء الشجر ، كان المشركون إذا أرادوا الحج قلدوها فى ذهابهم إلى مكة ، وعَوْدهم ليأمنوا ، وهذا قول قتادة . والثالث : أن المشركين كانوا يأخذون لحاء الشجر من الحرم إذا أرادوا الخروج منه ، فيتقلدونه ليأمنوا ، فَنُهوا أن ينزعوا شجر الحرم فيتقلدوه ، وهذا قول عطاء . { وَلاَ ءَامِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ } يعنى ولا تحلوا قاصدين البيت الحرام ، يقال أممت كذا إذا قصدته ، وبعضهم يقول يممته ، كقول الشاعر : @ إني لذاك إذا ما ساءني بلد يممت صدر بعيري غيره بلداً @@ { يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً } فيه قولان : أحدهما : الربح فى التجارة ، وهو قول ابن عمر . والثاني : الأجر ، وهو قول مجاهد { وَرِضْوَاناً } يعني رضي الله عنهم بنسكهم . { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ } وهذا وإن خرج مخرج الأمر ، فهو بعد حظر ، فاقتضى إباحة الاصطياد بعد الإِحلال دون الوجوب . { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَان قَوْمٍ } في يجرمنكم تأويلان . أحدهما : لا يحملنكم ، وهو قول ابن عباس ، والكسائي ، وأبي العباس المبرد يقال : جرمني فلان على بغضك ، أى حملني ، قال الشاعر : @ ولقد طعنت أبا عيينة طعنة جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا @@ والثاني : معناه ولا يكسبنكم ، يقال جرمت على أهلي ، أي كسبت لهم ، وهذا قول الفراء . وفي { شَنَئَانُ قَوُمٍ } تأويلان : أحدهما : معناه بغض قوم ، وهذا قول ابن عباس . والثاني : عداوة قوم ، وهو قول قتادة . وقال السدي : نزلت هذه الآية فى الحُطَم بن هند البكري أَتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إِلاَمَ تَدعو ؟ فأخبره ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : " يَدْخُلُ اليَوْمَ عَلَيكُم رَجُلٌ مِن رَّبِيعةَ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ شَيْطَانٍ " فلما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنظرني حتى أشاور ، فخرج من عنده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَقَدْ دَخَلَ بِوَجْهِ كَافِرٍ ، وَخَرجَ بِقَفَا غَادِرٍ " فمر بسرح من سرح المدينة ، فاستقاه وانطلق وهو يرتجز ويقول : @ لقد لفها الليل بسواق حطم ليس براعي إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر وضم باتوا نياماً وابن هند لم ينم بات يقاسيها غلام كالزلم خدلج الساقين ممسوح القدم @@ ثم أقبل من عام قابل حاجاً قد قلد الهدي ، فاستأذن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتلوه ، فنزلت هذه الآية حتى بلغ { ءَآمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ } فقال له ناس من أصحابه : يا رسول الله خلّ بيننا وبينه ، فإنه صاحبنا ، فقال : " إنه قد قلد " . ثم اختلفوا فيما نسخ من هذه الآية بعد إجماعهم على أن منها منسوخاً على ثلاثة أقاويل : أحدهما : ان جميعها منسوخ ، وهذا قول الشعبي ، قال : لم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية . والثاني : أن الذى نسخ منها { وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ ءَآمِّينَ الْبَيتَ الْحَرَامَ } وهذا قول ابن عباس ، وقتادة . والثالث : أن الذي نسخ منها ما كانت الجاهلية تتقلده من لحاء الشجر ، وهذا قول مجاهد .