Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 7-12)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } تحتمل هذه النفقة وجهين : أحدهما : أن تكون الزكاة المفروضة . والثاني : أن يكون غيرها من وجوه الطاعات . وفي { ما جَعَلَكْم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } قولان : أحدهما : يعني مما جعلكم معمرين فيه بالرزق ، قاله مجاهد . الثاني : مما جعلكم مستخلفين فيه بوراثتكم له عمن قبلكم ، قاله الحسن . ويحتمل ثالثاً : مما جعلكم مستخلفين على القيام بأداء حقوقه . { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ } يحتمل وجهين : أحدهما : معناه ولله ملك السموات والأرض . الثاني : أنهما راجعان إليه بانقباض من فيهما كرجوع الميراث إلى المستحق . { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ } فيه قولان : أحدهما : لا يستوي من أسلم من قبل فتح مكة وقاتل ومن أسلم بعد فتحها وقاتل ، قاله ابن عباس ، ومجاهد . الثاني : يعني من أنفق ماله في الجهاد وقاتل ، قاله قتادة . وفي هذا الفتح قولان : أحدهما : فتح مكة ، قاله زيد بن أسلم . الثاني : فتح الحديبية ، قاله الشعبي ، قال قتادة : كان قتالان أحدهما أفضل من الأخر ، وكانت نفقتان إحداهما أفضل من الأخرى ، كان القتال والنفقة قبل فتح مكة أفضل من القتال والنفقة بعد ذلك . { وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } فيه قولان : أحدهما : أن الحسنى الحسنة ، قاله مقاتل . الثاني : الجنة ، قاله مجاهد . ويحتمل ثالثاً : أن الحسنى القبول والجزاء . { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرضُ اللَّه قَرْضاً حَسَناً } فيه خمسة أقاويل : أحدها : أن القرض الحسن هو أن يقول : سبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والله أكبر ، رواه سفيان عن ابن حيان . الثاني : أنه النفقة على الأهل ، قاله زيد بن أسلم . الثالث : أنه التطوع بالعبادات ، قاله الحسن . الرابع : أنه عمل الخير ، والعرب تقول لي عند فلان قرض صدق أو قرض سوء ، إذا فعل به خيراً أو شراً ، ومنه قول الشاعر : @ وتجزي سلاماً من مقدم قرضها بما قدمت أيديهم وأزلت @@ الخامس : أنه النفقة في سبيل الله ، قاله مقاتل بن حيان . وفي قوله : { حَسَناً } وجهان : أحدهما : طيبة بها نفسه ، قاله مقاتل . الثاني : محتسباً لها عند الله ، قاله الكلبي ، وسمي قرضاً لاستحقاق ثوابه ، قاله لبيد : @ وإذا جوزيت قرضاً فاجزه إنما يجزى الفتى ليس الجمل @@ وفي تسميته { حَسَناً } وجهان : أحدهما : لصرفه في وجوه حسنة . الثاني : لأنه لا مَنَّ فيه ولا أذى . { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } فيه وجهان : أحدهما : فيضاعف القرض لأن جزاء الحسنة عشر أمثالها . الثاني : فيضاعف الثواب تفضلاً بما لا نهاية له . { وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } فيه أربعة أوجه : أحدها : لم يتذلل في طلبه . الثاني : لأنه كريم الخطر . الثالث : أن صاحبه كريم . فلما سمعها أبو الدحداح تصدق بحديقة فكان أول من تصدق بعد هذه الآية . وروى سعيد بن جبير أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول هذه الآية ، فقالوا يا محمد ، أفقير ربك يسأل عباده القرض ؟ فأنزل الله { لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَولَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ } الآية . { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم } وفي نورهم ثلاثة أوجه : أحدها : أنه ضياء يعطيهم الله إياه ثواباً وتكرمة ، وهذا معنى قول قتادة . الثاني : أنه هداهم الذي قضاه لهم ، قاله الضحاك . الثالث : أنه نور أعمالهم وطاعتهم . قال ابن مسعود : ونورهم على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم مَن نوره مثل النخلة ، وأدناهم نوراً مَن نوره على إبهام رجله يوقد تارة ويطفأ أخرى . وقال الضحاك : ليس أحد يعطى يوم القيامة نوراً ، فإذا انتهوا إلى الصراط أطفىء نور المنافقين ، فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن ينطفىء نورهم كما طفىء نور المنافقين ، فقالوا : { رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } . وفي قوله : { بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } وجهان : أحدهما : ليستضيئوا به على الصراط ، قاله الحسن . والثاني : ليكون لهم دليلاً إلى الجنة ، قاله مقاتل . وفي قوله : { بِأَيْمَانَهِم } في الصدقات والزكوات وسبل الخير . الرابع : بإيمانهم في الدنيا وتصديقهم بالجزاء ، قاله مقاتل . قوله تعالى { بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ } فيه وجهان : أحدهما : أن نورهم هو بشراهم بالجنات . الثاني : هي بشرى من الملائكة يتلقونهم بها في القيامة ، قاله الضحاك .