Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 21-24)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لو أنزلنا هذا القرءآن على جبل } يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون خطاباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم إننا لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لما ثبت له بل انصدع من نزوله عليه ، وقد أنزلناه عليك وثبتناك له ، فيكون ذلك امتناناً عليه أن ثبته لما لا تثبت له الجبال . الثاني : أنه خطاب للأمة ، وأن الله لو أنذر بهذا القرآن الجبال لتصدعت من خشية الله ، والإنسان أقل قوة وأكثر ثباتاً ، فهو يقوم بحقه إن أطاع ، ويقدرعلى رده إن عصى ، لأنه موعود بالثواب ومزجور بالعقاب . وفيه قول ثالث : إن الله تعالى ضربه مثلاً للكفار أنه إذا نزل هذا القرآن على جبل خشع لوعده وتصدع لوعيده ، وأنتم أيها المقهروون بإعجازه لا ترغبون في وعده ولا ترهبون من وعيده . { هو الله الذي لا إله إلا هو } كان جابر بن زيد يرى أن اسم الله الأعظم هو الله ، لمكان هذه الآية . { عالم الغيب والشهادة } فيه أربعة أقاويل : أحدها : عالم السر والعلانية ، قاله ابن عباس . الثاني : عالم ما كان وما يكون . الثالث : عالم ما يدرك وما لا يدرك من الحياة والموت والأجل والرزق . الرابع : عالم بالآخرة والدنيا ، قاله سهل . { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس } في { القدوس } أربعة أوجه : أحدها : أنه المبارك ، قاله قتادة ، ومنه قول رؤبة : @ دعوت رب العزة القدوسا دعاء من لا يقرع الناقوسا @@ الثاني : أنه الطاهر ، قاله وهب ، ومنه قول الراجز : @ قد علم القدوس مولى القدوس . @@ الثالث : أنه اسم مشتق من تقديس الملائكة ، قاله ابن جريج ، وقد روي أن من تسبيح الملائكة سبوح قدوس رب الملائكة والروح . الرابع : معناه المنزه عن القبائح لاشتقاقه من تقديس الملائكة بالتسبيح فصار معناهما واحد . وأما { السلام } فهو من أسمائه تعالى كالقدوس ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه مأخوذ من سلامته وبقائه ، فإذا وصف المخلوق بمثله قيل سالم وهو في صفة الله سلام ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت : @ سلامك ربنا في كل فجر بريئاً ما تعنتك الذموم @@ الثاني : أنه مأخوذ من سلامة عباده من ظلمه ، قاله ابن عباس . [ وفي { المؤمن } ثلاثة أوجه : أحدها : الذي يؤمن أولياءه من عذابه ] الثاني : أنه مصدق خلقه في وعده ، وهو معنى قول ابن زيد . الثالث : أنه الداعي إلى الإيمان ، قاله ابن بحر . وأما { المهيمن } فهو من أسمائه أيضاً ، وفيه خمسة أوجه : أحدها : معناه الشاهد على خلقه بأعمالهم ، وعلى نفسه بثوابهم ، قاله قتادة ، والمفضل ، وأنشد قول الشاعر : @ شهيد عليَّ الله أني أحبها كفى شاهداً رب العباد المهيمن @@ والثاني : معناه الأمين ، قاله الضحاك . الثالث : المصدق ، قاله ابن زيد . الرابع : أنه الحافظ ، حكاه ابن كامل ، وروي أن عمر بن الخطاب قال : إني داع فهيمنوا ، أي قولوا آمين حفظنا الدعاء ، لما يرجى من الإجابة . الخامس : الرحيم ، حكاه ابن تغلب واستشهد بقول أمية بن أبي الصلت : @ مليك على عرش السمآء مهيمن لعزته تعنو الوجوه وتسجد @@ { العزيز } هو القاهر ، وفيه وجهان : أحدهما : العزيز في امتناعه . الثاني : في انتقامه . { الجبار } فيه أربعة أوجه : أحدها : معناه العالي العظيم الشأن في القدرة والسلطان . الثاني : الذي جبر خلقه على ما شاء ، قاله أبو هريرة ، والحسن ، وقتادة . الثالث : أنه الذي يجبر فاقة عباده ، قاله واصل بن عطاء . الرابع : أنه الذي يذل له من دونه . { المتكبر } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : المتكبر عن السيئات ، قاله قتادة . الثاني : المستحق لصفات الكبر ، والتعظيم ، والتكبر في صفات الله مدح ، وفي صفات المخلوقين ذم . الثالث : المتكبر عن ظلم عباده . { هو الله الخالق } فيه وجهان : أحدهما : أنه المحدِث للأشياء على إرادته . الثاني : أنه المقدر لها بحكمته . { الْبَارِىءُ } فيه وجهان : أحدهما : المميز للخلق ، ومنه قوله : برئت منه ، إذا تميزت منه . الثاني : المنشىء للخلق ، ومنه قول الشاعر : @ براك الله حين براه غيثاً ويجري منك أنهاراً عذاباً @@ { المصور } فيه وجهان : أحدهما : لتصوير الخلق على مشيئته . الثاني : لتصوير كل جنس على صورته . فيكون على الوجه الأول محمولاً على ابتداء الخلق بتصوير كل خلق على ما شاء من الصور . وعلى الوجه الثاني يكون محمولاً على ما استقر من صور الخلق ، فيحدث خلق كل جنس على صورته وفيه على كلا الوجهين دليل على قدرته . ويحتمل وجهاً ثالثاً : أن يكون لنقله خلق الإنسان وكل حيوان من صورة إلى صورة ، فيكون نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى أن يصير شيخاً هرماً ، كما قال النابغة : @ الخالق البارىء المصور في الـ أرحام ماء حتى يصير دماً @@ { له الأسماء الحسنى } فيه وجهان : أحدهما : أن جميع أسمائه حسنى لاشتقاقه من صفاته الحسنى . الثاني : أن له الأمثال العليا ، قاله الكلبي .