Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 17-21)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } فيه وجهان : أحدهما : معناه إن أَلْحَقَ الله بك ضُراً ، لأن المس لا يجوز على الله . والثاني : معناه وإن جعل الضُرَّ يمسك . وكذلك قوله : { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ } . وفي الضُرِّ والخير وجهان : أحدهما : أن الضُرَّ السُقْمُ ، والخير العافية . والثاني : أن الضُرَّ الفقر ، والخير الغنى . قوله عز وجل : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } فيه قولان : أحدهما : أن معناه القاهر لعباده ، وفوق صلة زائدة . والثاني : أنه بقهره لعباده مستعلٍ عليهم ، فكان قوله فوق مستعملاً على حقيقته كقوله تعالى : { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِم } [ الفتح : 10 ] لأنها أعلى قوة . ويحتمل ثالثاً : وهو القاهر فوق قهر عباده ، لأن قهره فوق كل قهر . وفي هذا القهر وجهان : أحدهما : أنه إيجاد المعدوم . والثاني : أنه لا راد لأقداره ولا صَادَّ عن اختياره . قوله عز وجل : { قَلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً } الآية ، في سبب [ نزول ] ذلك قولان : أحدهما : أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من يشهد لك النبوة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية يأمره فيها أن يقول لهم : { أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً } ، ثم أجابه عن ذلك فقال : { قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } يعني : بصدقي وصحة نبوتي وهي أكبر الشهادات ، قاله الحسن . والثاني : أن الله تعالى أمره أن يشهد عليهم بتبليغ الرسالة إليهم فقال ذلك ليشهده عليهم . { لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } فيه وجهان : أحدهما : لأنذركم [ يا ] أهل مكة ومن بلغه القرآن من غير أهل مكة . والثاني : لأنذركم به : [ أيها ] العربُ ومن بُلِّغ من العَجَم . قوله عز وجل : { الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ } فيه قولان : أحدهما : أنه التوراة والإِنجيل ، قاله الحسن ، وقتادة ، والسدي ، وابن جريج . والثاني : أنه القرآن . { يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنآءَهُم } فيه قولان : أحدهما : يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم ، لأن صفته موجودة في كتابهم ، قاله الحسن ، وقتادة ، ومن زعم أن الكتاب هو التوراة والإِنجيل . والثاني : يعرفون الكتاب الدال على صفته ، وصدقه ، وصحة نبوته ، وهذا قول من زعم أن الكتاب هو القرآن . وعنى بقوله : { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ } تثبيتاً لصحة المعرفة . وحكى الكلبي والفراء : أن عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام حين أسلم : ما هذه المعرفة التي تعرفون بها محمداً صلى الله عليه وسلم كما تعرفون أبناءكم ؟ قال : والله لأنا به إذا رأيته أعرف مني بابني وهو يلعب مع الصبيان ، لأني لا أشك أنه محمد ، وأشهد أنه حق ، ولست أدري ما صنع النساء في الابن . { الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ } فيه تأويلان : أحدهما : أنهم خسروا بالكفر منازلهم وأزواجهم في الجنة ، لأنه ليس أحد من مؤمن ولا كافر إلا وله منازل وأزواج ، فإن أسلموا كانت لهم ، وإن كفروا كانت لمن آمن من أهلهم ، وهو معنى قوله تعالى : { الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ المؤمنون : 11 ] ، قاله الفراء . والثاني : معناه غبنوها فأهلكوها بالكفر والتكذيب ، ومنه قول الأعشى :