Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 14-18)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا أيها الذين آمنوا إنّ مِنْ أزْواجِكم وأَوْلادِكم عَدوّاً لكم } فيه خمسة أقاويل : أحدها : أنه أراد قوماً أسلموا بمكة فأرادوا الهجرة فمنعهم أزواجهم وأولادهم منها وثبطوهم عنها ، فنزل ذلك فيهم ؛ قاله ابن عباس . الثاني : من أزواجكم وأولادكم من لا يأمر بطاعة اللَّه ولا ينهى عن معصيته ، قاله قتادة . الثالث : أن منهم من يأمر بقطيعة الرحم ومعصية الرب ، ولا يستطيع مع حبه ألاّ يطيعه ، وهذا من العداوة ؛ قاله مجاهد . وقال مقاتل بن سليمان : نبئت أن عيسى عليه السلام قال : من اتخذ أهلاً ومالاً وولداً كان للدنيا عبداً . الرابع : أن منهم من هو مخالف للدين ، فصار بمخالفة الدين عدواً ، قاله ابن زيد . الخامس : أن من حملك منهم على طلب الدنيا والاستكثار منها كان عدواً لك ، قاله سهل . وفي قوله { فاحذروهم } وجهان : أحدهما : فاحذروهم على دينكم ؛ قاله ابن زيد . الثاني : على أنفسكم ، وهو محتمل . { وإن تعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا } الآية . يريد بالعفو عن الظالم ، وبالصفح عن الجاهل ، وبالغفران للمسيء . { فإنّ اللَّه غفورٌ } للذنب { رحيم } بالعباد ، وذلك أن من أسلم بمكة ومنعه أهله من الهجرة فهاجر ولم يمتنع قال : لئن رجعت لأفعلنّ بأهلي ولأفعلنّ ، ومنهم من قال : لا ينالون مني خيراً أبداً ، فلما كان عام الفتح أُمِروا بالعفو والصفح عن أهاليهم ، ونزلت هذه الآية فيهم . { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } فيه وجهان : أحدهما : بلاء ، قاله قتادة . الثاني : محنة ، ومنه قول الشاعر : @ لقد فتن الناس في دينهم وخلّىّ ابنُ عفان شرّاً طويلاً @@ وفي سبب افتتانه بهما وجهان : أحدهما : لأنه يلهو بهما عن آخرته ويتوفر لأجلهما على دنياه . الثاني : لأنه يشح لأجل أولاده فيمنع حق اللَّه من ماله ، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الولد مبخلة محزنة مجبنة " . { والله عنده أجْرٌ عظيمٌ } قال أبو هريرة والحسن وقتادة وابن جبير : هي الجنة . ويحتمل أن يكون المراد بذلك أن يكون أجرهم في الآخرة أعظم من منفعتهم بأموالهم وأولادهم في الدنيا ، فلذلك كان أجره عظيماً . { فاتّقوا الله ما اسْتطعتم } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : يعني جهدكم ، قاله أبو العالية . الثاني : أن يطاع فلا يعصى ، قاله مجاهد . الثالث : أنه مستعمل فيما يرجونه به من نافلة أو صدقة ، فإنه لما نزل قوله تعالى : { اتّقوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } اشتد على القوم فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم ، فأنزل الله تعالى ذلك تخفيفاً { فاتقوا الله ما استطعتم } فنسخت الأولى ، قاله ابن جبير . ويحتمل إن لم يثبت هذا النقل أن المكْرَه على المعصية غير مؤاخذ بها لأنه لا يستطيع اتقاءها . { واسْمَعوا } قال مقاتل : كتاب الله إذا نزل عليكم . { وأطيعوا } الرسول فيما أمركم أو نهاكم ، قال قتادة : عليها بويع النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة . { وأنفِقوا خيْراً لأنفُسِكم } فيه ثلاثة أوجه : أحدهما : هي نفقة المؤمن لنفسه ، قاله الحسن . الثاني : في الجهاد ، قاله الضحاك . الثالث : الصدقة ، قاله ابن عباس . { ومَن يُوقَ شُحَّ نفسِهِ فأولئك هم المفلِحونَ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : هوى نفسه ، قاله ابن أبي طلحة . الثاني : الظلم ، قاله ابن عيينة . الثالث : هو منع الزكاة ، قال ابن عباس : من أعطى زكاة ماله فقد وقاه الله شح نفسه . { إن تُقْرِضوا اللَّهَ قرْضاً حَسَناً } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : النفقة في سبيل اللَّه ، قاله عمر رضي اللَّه عنه . الثاني : النفقة على الأهل ، قاله زيد بن أسلم . الثالث : أنه قول سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر ، رواه ابن حبان . وفي قوله { حَسَناً } وجهان محتملان : أحدهما : أن تطيب بها النفس . الثاني : أن لا يكون بها ممتناً . { يُضاعفْه لكم } فيه وجهان : أحدهما : بالحسنة عشر أمثالها ، كما قال تعالى في التنزيل . الثاني : إلى ما لا يحد من تفضله ، قاله السدي . { ويَغْفِرْ لكم } يعني ذنوبكم . { واللَّهُ شكورٌ حليمٌ } فيه وجهان : أحدهما : أن يشكر لنا القليل من أعمالنا وحليم لنا في عدم تعجيل المؤاخذة بذنوبنا . الثاني : شكور على الصدقة حين يضاعفها ، حليم في أن لا يعجل بالعقوبة من [ تحريف ] الزكاة عن موضعها ، قاله مقاتل . { عالِمُ الغَيْبِ والشهَادةِ } يحتمل وجهين : أحدهما : السر والعلانية . الثاني : الدنيا والآخرة .