Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 148-151)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } في الأسف خمسة أقاويل : أحدها : أنه المتأسف على فوت ما سلف قاله علي بن عيسى . والثاني : أنه الحزين ، قاله ابن عباس . والثالث : هو الشديد الغضب ، قاله الأخفش . والرابع : المغتاظ ، قاله السدي . والخامس : النادم ، قاله ابن قتيبة . وفي غضبه وأسفه قولان : أحدهما : غضبان من قومه على عبادة العجل ؟ أسفاً على ما فاته من مناجاة ربه . والثاني : غضبان على نفسه في ترك قومه حتى ضلوا ، أسفاً على ما رأى في قومه من ارتكاب المعاصي . وقال بعض المتصوفة إن غضبه للرجوع عن مناجاة الحق إلى مخاطبة الخلق . { قَالَ بِئْسَ مَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدي } يعني بعباة العجل . { أَعَجِلْتُم أَمْرَ رَبِّكُمْ } فيه قولان : أحدهما : يعني وعد ربكم الذي وعدني به من الأربعين ليلة ، وذلك أنه قَدَّروا أنه قد مات لمَّا لم يأت على رأس الثلاثين ليلة ، قاله الحسن ، والسدي . والثاني : وعد ربكم بالثواب على عبادته حتى عدلتم إلى عبادة غيره ، قاله بعض المتأخرين . والفرق بين العجلة والسرعة أن العجلة : التقدم بالشيء قبل وقته ، والسرعة : عمله في أقل أوقاته . { وَأَلْقَى الألْوَاحَ } وفي سبب إلقائها قولان : أحدهما : غضباً حين رأى عبادة العجل ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه ألقاها لما رأى فيها فضائل غير قومه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنهم خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله ، قال : رب فاجعلهم أمتي قال : تلك أمة أحمد ، فاشتد عليه فألقاها ، قاله قتادة . وكانت التوراة سبعة أسباع فلما ألقى موسى الألواح فتكسرت رفع منها ستة أسباعها وكان فيما رفع تفصيل كل شيء الذي قال الله { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ من كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْضِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } وبقي الهدى والرحمة في السبع الباقي ، وهو الذي قاله الله : { أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفي نُسْخَتِهَا هُدىً وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبّهِمْ يَرْهَبُونَ } . وقال ابن عباس : ألقى موسى الألواح فتكسرت ورفعت إلا سدُسها . { وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } فيه قولان : أحدهما : أنه أخذ بأذنه . والثاني : أخذ بجملة رأسه . فإن قيل : فلم قصده بمثل هذا الهوان ولا ذنب له ؟ فعن ذلك جوابان . أحدهما : أن هذا الفعل مما قد يتغير حكمه بالعادة فيجوز أن يكون في ذلك الزمان بخلاف ما هو عليه الآن من الهوان . والثاني : أن ذلك منه كقبض الرجل منا الآن على لحيته وعضه على شفته { قَالَ ابْنَ أُمَّ } فيه وجهان : أحدهما : أنه قال ذلك لأنه كان أخاه لأمه ، قاله الحسن . والثاني : أنه قال ذلك على عادة العرب استعطافاً بالرحم ، كما قال الشاعر : @ يَا ابْنَ أُمِّي وَيَا شقيقَ نَفْسِي أَنْتَ خَلَّيْتَنِي لأَمْرٍ شَدِيدٍ @@ { فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ } يعني من خالفه في عبادة العجل لأنهم قد صاروا لمخالفتهم له أعداء . { وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَومِ الظَّالِمِينَ } أي لا تغضب عليّ كغضبك عليهم ولست منهم فأدركته الرقة : { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لَي ولأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } .