Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 26-26)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { يَا بَنِيَ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوُءَاتِكُمْ } نزلت هذه الآية في قوم من العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ويرون أن ذلك أبلغ في الطاعة وأعظم في القربة . وفي دخول الشبهة عليهم في ذلك وجهان : أحدهما : أن الثياب قد دنستها المعاصي فخرجوا عنها . والثاني : تفاؤلاً بالتعري من الذنوب فقال الله تعالى : { قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً } أي ما تلبسون من الثياب . فإن قيل : فليس ذلك بمنزل من السماء . فعنه جوابان : أحدهما : أنه لما كان ينبت من المطر الذي نزل من السماء صار كالمنزل من السماء ، قاله الحسن . والثاني : أن هذا من بركات الله ، والبركة تنسب إلى أنها تنزل من السماء ، كما قال تعالى : { وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ } [ الحديد : 25 ] . ثم قال : { يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ } أي يستر عوراتكم ، وسميت العورة سوأة لأنه يسوء صاحبها انكشافها . ثم قال : { وَرِيشاً } وهذه قراءة أهل الأمصار وكان الحسن يقرأ : { وَرِيَاشاً } وفيه أربعة تأويلات : أحدهما : أنه المعاش ، قاله معبد الجهني . والثاني : أنه اللباس والعيش والنعيم ، قاله ابن عباس . والثالث : أنه الجمال والزينة ، قاله ابن زيد ، ومنه قوله رؤبة : @ إليك أشكو شدة المعيش وجهد أعوام نتفن ريشي @@ يريد أذهبن جمالي وزينتي . والرابع : أنه المال : قاله ابن الزبير ومجاهد ، قال الشاعر : @ فريشي منكم وهواي معكم وإن كانت زيارتكم لماما @@ وفي الريش والرياش وجهان : أحدهما : أن معناهما واحد وإن اختلف لفظهما . والوجه الثاني : أن معناهما مختلف ، فالريش ما بطن ، والرياش ما ظهر . ثم قال : { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } وفي لباس التقوى سبعة تأويلات : أحدها : أنه الإيمان ، قاله قتادة والسدي . الثاني : الحياة ، قاله معبد الجهني . والثالث : أنه العمل الصالح ، قاله ابن عباس . والرابع : أنه السمت الحسن ، قاله عثمان بن عفان . والخامس : خشية الله ، قاله عروة بن الزبير . السادس : ستر العورة للصلاة التي هي التقوى ، قاله ابن زيد . والسابع : لبس ما يُتَّقَى به الحر والبرد ، قاله ابن بحر . وفي قوله : { ذَلِكَ خَيْرٌ } وجهان : أحدهما : أنه راجع إلى لباس التقوى ومعنى الكلام أن لباس التقوى خير من الرياش واللباس ، قاله قتادة والسدي . والثاني : أنه راجع إلى جميع ما تقدم من { قَدْ أَنزَلْنَا علَيكُمْ لِبَاساً يُوارِي سَوْءَاتِكُم وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوى } ، ثم قال : { ذَلِكَ } الذي ذكرته هو { خَيْرٌ } كله .