Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 11-14)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسُ أَمَنَةً مِّنْهُ } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وكثيراً من أصحابه غشيهم النعاس ببدر . قال سهل بن عبد الله : النعاس يحل في الرأس مع حياة القلب ، والنوم يحل في القلب بعد نزول من الرأس ، فهوَّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ناموا فبشر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصر فأخبر به أبا بكر . وفي امتنان الله تعالى عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان : أحدهما : قوّاهم بالاستراحة على القتال من الغد . الثاني : أن أمَّنَهم بزوال الرعب من قلوبهم ، كما قال : الأمن منيم ، والخوف مسهر . وقوله تعالى : { أََمَنَةً مِّنْهُ } يعني به الدعة وسكون النفس من الخوف وفيه وجهان : أحدهما : أمنة من العدو . الثاني : أمنة من الله سبحانه وتعالى . { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ } لأن الله تعالى أنزل عليهم ماء السماء معونة لهم بثلاثة أمور : أحدها : الشرب وإن كانوا على ماء . الثاني : وهو أخص أحواله بهم في ذلك المكان وهو أن الرمل تلبد بالماء حتى أمكن المسلمين القتال عليه . والثالث : ما وصفه الله تعالى به من حال التطهير . وفي تطهيرهم به وجهان : أحدهما : من وساوس الشيطان التي ألقى بها في قلوبهم الرعب ، قاله زيد بن أسلم . والثاني : من الأحداث والأنجاس التي نالتهم ، قاله الجمهور . قال ابن عطاء : أنزل عليهم ماءً طهر به ظواهر أبدانهم ، وأنزل عليهم رحمة نقّى بها سرائر قلوبهم . وإنما خصه الله تعالى بهذه الصفة لأمرين . أحدهما : أنها أخص صفاته . والثاني : أنها ألزم صفاته . ثم قال : { وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشّيَطانِ } فيه قولان : أحدهما : وسوسته أن المشركين قد غلبوهم على الماء ، قاله ابن عباس . والثاني : كيده وهو قوله : ليس لكم بهؤلاء القوم طاقة ، قاله ابن زيد . { وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ } يحتمل وجهين : أحدهما : ثقة بالنصر . والثاني : باستيلائهم على الماء . { وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ } فيه قولان : أحدهما : بالصبر الذي أفرغه الله تعالى حتى يثبتوا لعدوهم ، قاله أبو عبيدة . والثاني : تلبيد الرمل بالمطر الذي لا يثبت عليه قدم ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك . قوله عز وجل : { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ } معناه معينكم ويحتمل أن يكون معناه إني معكم في نصرة الرسول ، فتكون الملائكة لتثبيت المؤمنين ، والله تعالى متولي النصر بما ألقاه من الرعب في قلوب المشركين . { فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُواْ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : فثبوتهم بحضوركم معهم في الحرب . والثاني : بقتالكم معهم يوم بدر ، قاله الحسن . والثالث : بإخبارهم أنه لا بأس عليهم من عدوهم . { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ } يعني الخوف ، ويحتمل أحد وجهين : إما أن يكون إلقاء الرعب بتخاذلهم ، وإما أن يكون بتكثير المسلمين في أعينهم . وفي ذلك وجهان : أحدهما : أنه قال ذلك للملائكة معونة لهم . والثاني : أنه قال ذلك له ليثبتوا به الذين آمنوا . { فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ } فيه خمسة أقاويل : أحدها : فاضربوا الأعناق ، وفوق صلة زائدة في الكلام ، قاله عطية والضحاك . وقد روى المسعودي عن القاسم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لأُُعَذِّبَ بَعَذَابِ اللَّهِ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ بِضَرْبِ الأَعْنَاقِ وَشَدِّ الْوَثَاقِ " . والثاني : معناه واضربوا الرؤوس فوق الأعناق ، قاله عكرمة . والثالث : فاضربوا على الأعناق . والرابع : فاضربوا على الأعناق . والخامس : فاضربوا فوق جلدة الأعناق . { وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } يعني المفاصل من أطراف الأيدي والأرجل والبنان : أطراف الأصابع من اليدين والرجلين .