Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 31-33)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا } يحتمل وجهين : أحدهما : قد سمعنا هذا منكم ولا نطيعكم . والثاني : قد سمعنا قبل هذا مثله فماذا أغناكم . { لَوْ نَشَآءَ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا } يحتمل وجهين : أحدهما : مثل هذا في النظم والبيان معارضة له في الإعجاز . والثاني : مثل هذا في الاحتجاج معارضة له في الاستدعاء إلى الكفر . { إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ } يعني أحاديث الأولين ويحتمل وجهين : أحدهما : أنه قصص من مضى وأخبار من تقدم . والثاني : أنه مأخوذ عمن تقدم وليس بوحي من الله تعالى . وقيل إن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة ، وقد قلته النبي صلى الله عليه وسلم صبراً في جملة ثلاثة من قريش : عقبه بن أبي معيط ، والمطعم بن عدي ، والنضر بن الحارث وكان أسير المقداد ، فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل النضر قال المقداد : أسيري يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمْ أَعِنِ المِقْدَادَ " ، فقال : هذا أردت . وفيه أنزل الله تعالى الآية التي بعدها . { وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّْ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حَجَارَةً مِنَ السَّمَآءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } وفي هذا القول وجهان : أحدهما : أنهم قالوا ذلك عناداً للحق وبغضاً للرسول صلى الله عليه وسلم . والثاني : أنهم قالوا ذلك اعتقاداً أنه ليس بحق . وفيهم نزل قوله تعالى { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ المعارج : 1 ] وفيهم نزل قوله تعالى : { رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا } [ ص : 16 ] . قال عطاء : لقد نزلت في النضر بضع عشرة آية من كتاب الله تعالى . قوله عز وجل : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِم } يحتمل وجهين : أحدهما : أنه قال ذلك إكراماً لنبيه وتعظيماً لقدره أن يعذب قوماً هو بينهم . تعظيماً لحرمته . والثاني : إرساله فيهم رحمة لهم ونعمة عليهم فلم يجز أن يعذبهم وهو فيهم حتى يستحقوا سلب النعمة بإخراجه عنهم . { وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } فيه خمسة أقاويل : أحدها : وما كان الله ليعذب مشركي أهل مكة وقد بقي فيهم من المسلمين قوم يستغفرون وهذا قول الضحاك وأبي مالك وعطية . والثاني : لا يعذبهم في الدنيا وهم يستغفرون فيها فيقولون : غفرانك . قال ابن عباس : كان المشركون بمكة يطوفون بالبيت ويقولون : لبيك لبيك لا شريك لك ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : " قَدْ قَدْ " فيقولون : إلا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك ، ويقولون غفرانك ، فأنزل الله تعالى : { وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } قاله أبو موسى ويزيد بن رومان ومحمد بن قيس . والثالث : أن الاستغفار في هذا الموضع الإسلام ، ومعنى الكلام : وما كان الله معذبهم وهم يسلمون ، قاله عكرمة ومجاهد . والرابع : وما كان الله معذب من قد سبق له من الله الدخول في الإسلام ، قاله ابن عباس . والخامس : معناه أنهم لو استغفروا لم يعذبوا استدعاء لهم إلى الاستغفار ، قاله قتادة والسدي وابن زيد . والسادس : وما كان الله معذبهم أي مهلكهم وقد علم أن لهم أولاد وذرية يؤمنون ويستغفرون .