Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 5-8)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ } فيه قولان : أحدهما : كما أخرجك ربك من مكة إلى المدينة بالحق مع كراهه فريق من المؤمنين كذلك ينجز وعدك في نصرك على أعدائك بالحق . والثاني : كما أخرجك ربك من بيتك مِن المدينة إلى بدر بالحق كذلك جعل لك غنيمة بدر بالحق . وفي قوله : { بِالْحَقِّ } وجهان : أحدهما : أنك خرجت ومعك الحق . الثاني : أنه أخرجك بالحق الذي وجب عليك . { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } فيه وجهان : أحدهما : كارهون خروجك . الثاني : كارهون صرف الغنيمة عنهم لأنهم لم يعلموا أن الله تعالى قد جعلها لرسوله دونهم . قوله عز وجل : { يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ } يعني في القتال يوم بدر . و { بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ } يحتمل وجهين : أحدهما : بعد ما تبين لهم صوابه . الثاني : بعد ما تبين لهم فرضه . وفي المجادل له قولان : أحدهما : أنهم المشركون ، قاله ابن زيد . الثاني : أنهم طائفة من المؤمنين وهو قول ابن عباس ، وابن إسحاق ، لأنهم خرجوا لأخذ العير المقبلة من الشام مع أبي سفيان فلما فاتهم ذلك أمروا بالقتال فجادلوا طلباً للرخصة وقالوا ما تأهبنا في الخروج لقتال العدو ، فأنزل الله تعالى : { كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ } يعني كأنهم في قتال عدوهم يساقون إلى الموت ، رعباً وأسفاً لأنه أشد لحال من سيق إلى الموت أن يكون ناظراً له وعالماً به . قوله عز وجل : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ } الآية . وسبب ذلك أن عير قريش لما أقبلت من الشام مع أبي سفيان همّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج لأخذها ، وسار فبلغ ذلك قريشاً فخرجت للمنع عنها ، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بخروجها شاور أصحابه ، فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لنخوضنه معك ، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد وقال : " سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الْطَّائِفَتَينِ وَاللَّهِ لَكَأَنِي أَنْظُرُ الآنَ إِلَى مَصَارِعِ الْقَومِ " فذلك معنى قوله { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّآئِفَتَيْنِ } يعني العير التي مع أبي سفيان أو الظفر بقريش الخارجين للمنع منها . { وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } أي غير ذات الحرب وهي العير لأن نفوسهم في لقائها أسكن ، وهم إلى ما فيها من الأموال أحوج . وفي الشوكة التي كُني بها عن الحرب وجهان : أحدهما : أنها الشدة فكُني بها عن الحرب لما فيها من الشدة ، وهذا قول قطرب . والثاني : أنها السلاح ، وكُني بها عن الحرب لما فيها من السلاح ، من قولهم رجل شاكٍ في السلاح ، قاله ابن قتيبة . { وَيُريدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } فيه قولان : أحدهما : إظهار الحق بإعزاز الدين في وقته على ما تقدم من وعده . والثاني : أن الحق في أمره لكم أن تجاهدوا عدوكم . وفي صفة ذلك وجهان لأصحاب الخواطر . أحدهما : يحق الحق بالإقبال عليه ويبطل الباطل بالإعراض عنه . الثاني : يحق الحق بالقبول ويبطل الباطل بالرد . { لِيُحِقَّ الْحَقَّ } معناه ليظهر الحق يعني الإسلام . { ويُبْطِلَ الْبَاطِلَ } أي يذهب بالباطل يعني الشرك . قال الحسن . هذه الآية نزلت قبل قوله : { كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ } وهي في القراءة بعدها . روى سماك عن عكرمة قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر عليك بالعير ليس دونها شيء فقال له العباس وهو أسير في أيديهم : ليس لك ذلك ، فقال : " لم ؟ " فقال : لأن الله تعالى وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك .