Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 81, Ayat: 1-14)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إذا الشمسُ كُوِّرَتْ } فيه خمسة تأويلات : أحدها : يعني ذهب نورها وأظلمت ، قاله ابن عباس . الثاني : غُوِّرَت ، وهو بالفارسية كوبكرد ، قاله ابن جبير . الثالث : اضمحلت ، قاله مجاهد . الرابع : نكست ، قاله أبو صالح . الخامس : جمعت فألقيت ، ومنه كارة الثياب لجمعها ، وهو قول الربيع بن خيثم . { وإذا النجوم انْكَدَرَتْ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : تناثرت ، قاله الربيع بن خيثم . الثاني : تغيرت فلم يبق لها ضوء ، قاله ابن عباس . الثالث : تساقطت ، قاله قتادة ، ومنه قول العجاج : @ أبصَرَ خرْبان فضاء فانكَدَرْ تَقضِّيَ البازي إذا البازي كَسَر @@ ويحتمل رابعاً : أن يكون انكدارها طمس آثارها ، وسميت النجوم نجوماً لظهورها في السماء بضوئها . { وإذا الجبالُ سُيِّرتْ } يعني ذهبت عن أماكنها ، قال مقاتل : فسويت بالأرض كما خلقت أول مرة وليس عليها جبل ولا فيها واد . { وإذا العِشارُ عُطِّلتْ } والعشار : جمع عشراء وهي الناقة إذا صار لحملها عشرة أشهر ، وهي أنفس أموالهم عندهم ، قال الأعشى : @ هو الواهبُ المائةَ المصْطفا ةَ إمّا مخاضاً وإمّا عِشاراً @@ فتعطل العشار لاشتغالهم بأنفسهم من شدة خوفهم . وفي " عطلت " تأويلان : أحدهما : أُهملت ، قاله الربيع . الثاني : لم تحلب ولم تدر ، قاله يحيى بن سلام . وقال بعضهم : العشار : السحاب تعطل فلا تمطر . ويحتمل وجهاً ثالثاً : أنها الأرض التي يعشر زرعها فتصير للواحد عُشراً ، تعطل فلا تزرع . { وإذا الوُحوشُ حُشِرتْ } فيه أربعة تأويلات : أحدها : جمعت ، قاله الربيع . الثاني : اختلطت ، قاله أبي بن كعب فصارت بين الناس . الثالث : حشرت إلى القيامة للقضاء فيقتص للجمّاء من القرناء ، قاله السدي . الرابع : أن حشرها بموتها ، قاله ابن عباس . { وإذا البحارُ سُجِّرتْ } فيه ثمانية تأويلات : أحدها : فاضت ، قاله الربيع . الثاني : يبست ، قاله الحسن . الثالث : ملئت ، أرسل عذبها على مالحها ، ومالحها على عذبها حتى امتلأت ، قاله أبو الحجاج . الرابع : فجرت فصارت بحراً واحداً ، قاله الضحاك . الخامس : سيرت كما سيرت الجبال ، قاله السدي . السادس : هو حمرة مائها حتى تصير كالدم ، مأخوذ من قولهم عين سجراء أي حمراء . السابع : يعني أوقدت فانقلبت ناراً ، قاله عليّ رضي الله عنه وابن عباس وأُبي بن كعب . الثامن : معناه أنه جعل ماؤها شراباً يعذب به أهل النار ، حكاه ابن عيسى . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتخفيف " سجرت " إخباراً عن حالها مرة واحدة ، وقرأ الباقون بالتشديد إخباراً عن حالها في تكرار ذلك منها مرة بعد أخرى . { وإذا النفوسُ زُوِّجَتْ } فيه أربعة تأويلات : أحدها : يعني عُمل بهن عملٌ مثل عملها ، فيحشر العامل بالخير مع العامل بالخير إلى الجنة ، ويحشر العامل بالشر مع العامل بالشر إلى النار ، قاله عطية العوفي : حين يكون الناس أزواجاً ثلاثة . الثاني : يزوج كل رجل نظيره من النساء فإن من أهل الجنة زوّج بامرأة من اهل الجنة ، وإن كان من أهل النار زوّج بامرأة من أهل النار ، قاله عمر بن الخطاب ، ثم قرأ : { احْشُروا الذين ظلموا وأزواجهم } الثالث : معناه ردّت الأرواح إلى الأجساد ، فزوجت بها أي صارت لها زوجاً ، قاله عكرمة والشعبي . الرابع : أنه قرن كل غاو بمن أغواه من شيطان أو إنسان ، حكاه ابن عيسى . ويحتمل خامساً : زوجت بأن أضيف إلى كل نفس جزاء عملها ، فصار لاختصاصها به كالتزويج . { وإذا الموءوجة سُئِلَتْ } والموءودة المقتولة ، كان الرجل في الجاهلية إذا ولدت امرأته بنتاً دفنها حية ، إما خوفاً من السبي والاسترقاق ، وإما خشية الفقر والإملاق ، وكان ذوو الشرف منهم يمتنعون من هذا ويمنعون منه حتى افتخر الفرزدق فقال : @ ومِنّا الذي مَنَعَ الوائداتِ فأحْيا والوئيدَ فلم تُوأَدِ @@ وسميت موءودة للثقل الذي عليها من التراب ، ومنه قوله تعالى : { ولا يئوده حفظهما } أي لا يثقله ، وقال متمم بن نويرة : @ وموءودةٍ مقبورة في مفازةٍ بآمتها موسودة لم تُمهّدِ @@ فقال توبيخاً لقاتلها وزجراً لمن قتل مثلها { وإذا الموءودة سئلت } واختلف هل هي السائلة أو المسئولة ، على قولين : أحدهما : وهو قول الأكثرين أنها هي المسئولة : { بأيِّ ذَنْبِ قُتِلَتْ } فتقول : لا ذنب لي ، فيكون ذلك أبلغ في توبيخ قاتلها وزجره . الثاني : أنها هي السائلة لقاتلها لم قتلت ، فلا يكون له عذر ، قاله ابن عباس وكان يقرأ : وإذا الموءودة سألت . قال قتادة : يقتل أحدهما بنته ويغذو كلبه ، فأبى الله سبحانه ذلك عليهم . { وإذا الصُّحُف نُشِرَتْ } يعني صحف الأعمال إذا كتب الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشر ، تطوى بالموت وتنشر في القيامة ، فيقف كل إنسان على صحيفته فيعلم ما فيها قيقول : " { ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحْصاها } . وقرأ حمزة والكسائي بتشديد نشّرت على تكرار النشر ، وقرأ الباقون بالتخفيف على نشرها مرة واحدة ، فإن حمل على المرة الواحدة فلقيام الحجة بها ، وإن حمل على التكرار ففيه وجهان : أحدهما : للمبالغة في تقريع العاصي وتبشير المطيع . الثاني : لتكرير ذلك من الإنسان والملائكة الشهداء عليه . { وإذا السماءُ كُشِطَتْ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها يعني ذهبت ، قاله الضحاك . الثاني : كسفت ، قاله السدي . الثالث : طويت ، قاله يحيى بن سلام ، كما قال تعالى : { يوم نطوي السماء } الآية . { وإذا الجحيمُ سُعِّرَتْ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أحميت ، قاله السدي . الثاني : أُوقدت ، قاله معمر عن قتادة . الثالث : سعّرها غضب الله وخطايا بني آدم ، قاله سعيد عن قتادة . { وإذا الجنّةُ أُزْلِفَتْ } أي قرّبت ، قال الربيع : إلى هاتين الآيتين ما جرى الحديث فريق في الجنة وفريق في السعير . { عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرتْ } يعني ما عملت من خير وشر . وهذا جواب { إذا الشمس كورت } وما بعدها ، قال عمر بن الخطاب : لهذا جرى الحديث ، وقال الحسن : { إذا الشمس كورت } قسم وقع على قوله { علمت نفسٌ ما أَحضَرَتْ } .