Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 109-110)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ } يعني مسجد قباء والألف من { أَفَمَنْ } ألف إنكار . ويحتمل قوله { عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ } وجهين : أحدهما : أن التقوى اجتناب معاصيه ، والرضوان فعل طاعته . الثاني : أن التقوى اتقاء عذابه ، والرضوان طلب ثوابه . وكان عمر بن شبة يحمل قوله تعالى { لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى } على مسجد المدينة ، ويحتمل { أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مَنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ } على مسجد قباء ، فيفرق بين المراد بهما في الموضعين . { أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ } يعني شفير جرف وهو حرف الوادي الذي لا يثبت عليه البناء لرخاوته وأكل الماء له { هَارٍ } يعني هائر ، والهائر : الساقط . وهذا مثل ضربه الله تعالى لمسجد الضرار . ويحتمل المقصود بضرب هذا المثل وجهين : أحدهما : أنه لم يبق بناؤهم الذي أسس على غير طاعة الله حتى سقط كما يسقط ما بني على حرف الوادي . الثاني : أنه لم يخف ما أسرُّوه من بنائه حتى ظهر كما يظهر فساد ما بنى على حرف الوادي بالسقوط . { فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } فيه وجهان : أحدهما : أنهم ببنيانهم له سقطوا في نار جهنم . الثاني : أن بقعة المسجد مع بنائها وبُناتها سقطت في نار جهنم ، قاله قتادة والسدي . قال قتادة : ذكر لنا أنه حفرت منه بقعة فرئي فيها الدخان وقال جابر بن عبد الله : رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار حين انهار . قوله عزوجل { لاَ يََزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ } يعني مسجد الضرار . { رِيبَةً فِي قُلُوبِهِم } فيه قولان : أحدهما : أن الريبة فيها عند بنائه . الثاني : أن الريبة عند هدمه . فإن قيل بالأول ففي الريبة التي في قلوبهم وجهان : أحدهما : غطاء على قلوبهم ، قاله حبيب بن أبي ثابت . الثاني : أنه شك في قلوبهم ، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك ، ومنه قول النابغة الذبياني : @ حَلَفْتُ فلم أترك لنَفْسِكَ ريبة وليس وراءَ الله للمرءِ مذهب @@ ويحتمل وجهاً ثالثاً : أن تكون الريبة ما أضمروه من الإضرار برسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين . وإن قيل بالثاني أن الريبة بعد هدمه ففيها وجهان : أحدهما : أنها حزازة في قلوبهم ، قاله السدي . الثاني : ندامة في قلوبهم ، قاله حمزة . ويحتمل وجهاً ثالثاً : أن تكون الريبة الخوف من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المؤمنين . { إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : إلا أن يموتوا ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك . الثاني : إلا أن يتوبوا ، قاله سفيان . الثالث : إلا أن تقطع قلوبهم في قبورهم ، قاله عكرمة . وكان أصحاب ابن مسعود يقرأُونها : { وَلَوْ تَقَطَّعَتْ قُلُوبُهُمْ } .