Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 94, Ayat: 1-8)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { أَلمْ نَشْرَحْ لك صَدْرَكَ } وهذا تقرير من الله تعالى لرسول صلى الله عليه وسلم عند انشراح صدره لما حمله من نبوّته . وفي " نشرح " وجهان : أحدهما : أي أزال همك منك حتى تخلو لما أُمِرت به . الثاني : أي نفتح لك صدرك ليتسع لما حملته عنه فلا يضيق ، ومنه تشريح اللحم لأنه فتحه لتقديده . وفيما شرح صدره ثلاثة أقاويل : أحدها : الإسلام ، قاله ابن عباس . الثاني : بأن ملىء حكمة وعلماً ، قاله الحسن . الثالث : بما منّ عليه من الصبر والاحتمال ، قاله عطاء . ويحتمل رابعاً : بحفظ القرآن وحقوق النبوّة . { ووَضَعْنا عنك وِزْرَكَ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : وغفرنا لك ذنبك ، قاله مجاهد ، وقال قتادة : كان للنبي ذنوب أثقلته فغفرها الله تعالى له . الثاني : وحططنا عنك ثقلك ، قاله السدي . وهي في قراءة ابن مسعود ، وحللنا عنك وِقرك . الثالث : وحفظناك قبل النبوة في الأربعين من الأدناس حتى نزل عليك الوحيُ وأنت مطهر من الأدناس . ويحتمل رابعاً : أي أسقطنا عنك تكليف ما لم تُطِقْه ، لأن الأنبياء وإن حملوا من أثقال النبوة على ما يعجز عنه غيرهم من الأمة فقد أعطوا من فضل القوة ما يستعينون به على ثقل النبوة ، فصار ما عجز عنه غيرهم ليس بمطاق . { الذي أنقَضَ ظَهْرَكَ } أي أثقل ظهرك ، قاله ابن زيد كما ينقض البعير من الحمل الثقيل حتى يصير نِقْضاً . وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أثقل ظهره بالذنوب حتى غفرها . الثاني : أثقل ظهره بالرسالة حتى بلّغها . الثالث : أثقل ظهره بالنعم حتى شكرها . { ورَفَعْنا لك ذِكْرَكَ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : ورفعنا لك ذكرك بالنبوة ، قاله يحيى بن سلام . الثاني : ورفعنا لك ذكرك في الآخرة كما رفعناه في الدنيا . الثالث : أن تذكر معي إذا ذكرت ، روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أتاني جبريل عليه السلام فقال : إن الله تعالى يقول أتدري كيف رفعْت ذكرك ؟ فقال : الله أعلم ، فقال : إذا ذُكرتُ ذُكِرْتَ " قاله قتادة : رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب يخطب ولا يتشهد ، ولا صاحب صلاة إلا ينادي : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله . { فإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً } فيه وجهان : أحدهما : إن مع اجتهاد الدنيا خير الآخرة . الثاني : إن مع الشدة رخاء ، ومع الصبر سعة ، ومع الشقاوة سعادة ، ومع الحزونة سهولة . ويحتمل ثلاثة أوجه : أحدها : أن مع العسر يسراً عند الله ليفعل منهما ما شاء . الثاني : إن مع العسر في الدنيا يسراً في الآخرة . الثالث : إن مع العسر لمن بُلي يسراً لمن صبر واحتسب بما يوفق له من القناعة أو بما يعطى من السعة . قال ابن مسعود : والذي نفسي بيده لو كان العسر في حَجَرٍ لطلبه اليسر حتى يدخل عليه " ولن يغلب عسْرٌ يُسْرَين " . وإنما كان العسر في الموضعين واحداً ، واليسر اثنين ، لدخول الألف واللام على العسر وحذفها من اليسر . وفي تكرار " مع العسر يسرا " وجهان : أحدهما : ما ذكرنا من إفراد العسر وتثنية اليسر ، ليكون أقوى للأمل وأبعث على الصبر ، قاله ثعلب . الثاني : للإطناب والمبالغة ، كما قالوا في تكرار الجواب فيقال بلى بلى ، لا لا ، قاله الفراء وقال الشاعر : @ هممتُ بِنْفسيَ بَعْضَ الهُموم فأَوْلَى لنفْسِيَ أولى لها . @@ { فإذا فَرَغتَ فانَصَبْ } فيه أربعة تأويلات : أحدها : فإذا فرغت من الفرائض فانصب من قيام الليل ، قاله ابن مسعود . الثاني : فإذا فرغت من صلاتك فانصب في دعائك ، قاله الضحاك . الثالث : فإذا فرغت من جهادك عدوك فانصب لعبادة ربك ، قاله الحسن وقتادة . الرابع : فإذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عمل آخرتك ، قاله مجاهد . ويحتمل تأويلاً خامساً : فإذا فرغت من إبلاغ الرسالة فانصب لجهاد عدّوك . { وإلى ربِّكَ فارْغَبْ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : فارغب إليه في دعائك قاله ابن مسعود . الثاني : في معونتك . الثالث : في إخلاص نيتك ، قاله مجاهد . ويحتمل رابعاً : فارغب إليه في نصرك على أعدائك .