Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 38-38)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ } فلما أمره الله تعالى أن يصنع الفلك أقبل نوح عليه السلام على عمل الفلك ولَهَا عن قومه ، وجعل يقطع الخشب ويضرب الحديد ويهيء عدة الفلك من القارّ وغيره ، وجعل قومه يمرُون به وهو في عمله ويسخرون منه ، ويقولون : يانوح قد صرت نجاراً بعد النبوة ؟ وأعقم الله أرحام نسائهم فلا يولد لهم ولد . وزعم أهل التوراة : أن الله أمره أن يصنع الفلك من خشب الساج ، وأن يصنعه أَزْوَر ، وأن يطليه بالقار من داخله وخارجه ، وأن يجعل طوله ثمانين ذراعاً وعرضه خمسين ذراعاً وطوله في السماء ثلاثين ذراعاً ، والذراع إلى المنكب ، وأن يجعله ثلاثة أطباق سفلى ووسطى وعليا ويجعل فيه كوى ، ففعله نوح كما أمره الله عزّ وجلّ . وقال ابن عباس : اتخذ نوح السفينة في سنتين وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعاً وطولها في السماء ثلاثون ذراعاً ، وكانت من خشب الساج وجعل لها ثلاثة بطون ، فحمل في البطن الأسفل الوحوش والسباع والهوام ، وفي البطن الأوسط الدواب والأنعام ، وركب هو ومن معه في البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد . قال قتادة : كان بابها في عرضها . وروي عن الحسن : كان طولها ألفاً ومائتي ذراع وعرضها ست مائة ذراع . والمعروف هو الأول : أن طولها ثلاثمائة ذراع . وعن زيد بن أسلم قال : مكث نوح عليه السلام مائة سنة يغرس الأشجار ويقطعها ، ومائة سنة يعمل الفلك . وقيل : غرس الشجر أربعين سنة وجفَّفه أربعين سنة . وعن كعب الأحبار أن نوحاً عمل السفينة في ثلاثين سنة ، وروى أنها كانت ثلاث طبقات ، الطبقة السفلى للدواب والوحوش ، والطبقة الوسطى فيها الإِنس ، والطبقة العليا فيها الطير ، فلما كثرت أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح أنِ اغْمِزْ ذنبَ الفيل فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة ، فأقبلا على الروث ، فلما وقع الفار بجوف السفينة فجعل يقرضها ويقرض حبالها ، أوحى الله تعالى إليه أن اضربْ بين عيني الأسد فضرب فخرج من منخره سنور وسنورة ، فأقبلا على الفار . قوله تعالى : { وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ } ، كانوا يقولون : إنّ هذا الذي يزعم أنه نبي قد صار نجاراً . ورُوي أنهم كانوا يقولون له : يانوح ماذا تصنع ؟ فيقول : أصنع بيتاً يمشي على الماء ، فيضحكون منه ، { قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ } ، إذا عاينتم عذاب الله ، { كَمَا تَسْخَرُونَ } ، فإن قيل : كيف تجوز السخرية من النبي ؟ قيل : هذا على ازدواج الكلام ، يعني : إن تستجهلوني فإني استجهلكم إذا نزل العذاب بكم . وقيل : معناه إن تسخروا منا فسترون عاقبة سخريتكم .