Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 74-77)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ } ، الخوف ، { وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ } ، بإسحاق ويعقوب ، { يُجَـٰدِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ } ، فيه إضمار ، أي : أخذ وظل يجادلنا . قيل : معناه يكلمنا لأن إبراهيم عليه السلام لايجادل ربَّه عزّ وجلّ إنما يسأله ويطلب إليه . وقال عامة أهل التفسير : معناه يجادل رسلنا ، وكانت مجادلته أنه قال للملائكة : أرأيتم لو كان في مدائن لوط خمسون من المؤمنين أتهلكونهم ؟ قالوا : لا ، قال : أو أربعون ؟ قالوا : لا ، قال : أو ثلاثون ؟ قالوا : لا ، حتى بلغ خمسةً ، قالوا : لا ، قال : أرأيتُم إن كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها ؟ قالوا : لا ، قال لهم إبراهيم عليه السلام عند ذلك : إن فيها لوطاً ، قالوا : نحن أعلم بمن فيها ، لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين . { إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } ، قال ابن جريج : وكان في قرى قوم لوط أربعة آلاف ألف ، فقالت الرسل عند ذلك لإِبراهيم . { يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ } ، أي : أعرض عن هذا المقال ودعْ عنك الجدال ، { إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ } ، أي ، عذاب ربّك وحكم ربّك ، { وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ } ، نازل بهم ، { عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } ، أي : غير مصروف عنهم . قوله تعالى : { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا } ، يعني : هؤلاء الملائكة ، { لُوطاً } ، على صورة غلمان مرد حسان الوجوه ، { سِىۤءَ بِهِمْ } ، أي : حزن لوط بمجيئهم ، يقال : سؤته فسيء ، كما يقال : سررته فسر . { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً } ، أي : قلباً . يقال : ضاق ذرع فلان بكذا : إذا وقع في مكروه لا يطيق الخروج منه ، وذلك أن لوطاً عليه السلام لما نظر إلى حسن وجوههم وطيب روائحهم أشفق عليهم من قومه أن يقصدوهم بالفاحشة ، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عنهم . { وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } ، أي : شديد كأنه عصب به الشر والبلاء ، أي : شدَّ . قال قتادة والسدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم عليه السلام نحو قرية قوم لوط فأتوا لوطاً نصف النهار ، وهو في أرض له يعمل فيها . وقيل : إنه كان يحتطب . وقد قال الله تعالى لهم : لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات ، فاستضافوه فانطلق بهم ، فلما مشى ساعة قال لهم : ما بلغكم أمر أهل هذه القرية ؟ قالوا : وما أمرهم ؟ قال : أشهد بالله إنها لشرُّ قرية في الأرض عملاً . يقول ذلك أربع مرات ، فدخلوا معه منزله . ورُوي : أنه حمل الحطب وتبعته الملائكة فمرّ على جماعة من قومه فغمزوا فيما بينهم ، فقال لوط : إن قومي شر خلق الله ، ثم مرّ على قوم آخرين ، فغمزوا ، فقال مثله ، ثم مرّ بقومٍ آخرين فقال مثله ، فكان كلما قال لوط هذا القول قال جبريل للملائكة : اشهدوا ، حتى أتى منزله . ورُوي : أن الملائكة جاؤوا إلى بيت لوط فوجدوه في داره ولم يعلم بذلك أحد إلاّ أهل بيت لوط ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ، وقالت : إن في بيت لوط رجالاً ما رأيتُ مثل وجوههم قط .