Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 37-37)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي } ، أدخل " من " للتبعيض ، ومجاز الآية : أسكنت من ذريتي ولداً ، { بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ } ، وهو مكة ؛ لأن مكة وادٍ بين جبلين ، { عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ } ، سماه محرَّماً لأنه يحرم عنده مالا يحرم عند غيره . أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عبدالله بن محمد ، حدثنا عبدالرزاق ، أنبأنا معمر ، عن أيوب السختياني وكثير بن أبي كثير بن المطلب بن أبي وداعة - يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس : أول ما اتَّخذ النساءُ المِنْطَقَ من قِبَلِ أمِّ إسماعيلَ ، اتخذت مِنْطَقاً لتُعَفِّي أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم عليه السلام ، وبابنها إسماعيل ، وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء ، فوضعهما هنالك ، ووضع عندهما جراباً فيه تمر ، وسقاءً فيه ماء ، ثم قَفَلَ إبراهيم منطلقاً ، فتبعتْه أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنْس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً ، وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيّعنا ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثَّنِيَّةِ حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الدعوات فرفع يديه ، فقال : { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ } ، حتى بلغ { يَشْكُرُونَ } . وجعلتْ أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفِدَ ما في السِّقاء عطشتْ وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلبَّط أو قال يتلَوَّى ، وانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً ، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف دِرْعِها ، ثم سَعَتْ سعي الإِنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحداً . فلم ترَ أحداً ، ففعلت ذلك سبع مرات . قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فلذلك سعى الناس بينهما " فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه - تريد نفسها - ثم تسمعت فسمعته أيضاً فقالت : قد أسمعتَ إن كان عندك غِوَاث ، فإذا هي بالمَلَكِ عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء فجعلت تَخُوضُه وتقول بيدها هكذا ، أو جعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف . قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله أم إسماعل لو تركت زمزم " أو قال : " لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عيناً مَعْيناً " قال : فشربتْ وأرضعت ولدها ، فقال لها المَلَك : لا تخافوا الضيعة فإن هاهنا بيت الله ، يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله . وكان موضع البيت مرتفعاً من الأرض كالرَّابية ، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله فكانت كذلك ، حتى مرَّتْ بهم رُفْقة من جُرْهُم - أو أهل بيت من جرهم - مقبلين من طريق كَداء ، فنزلوا في أسفل مكة ، فرأوا طائراً عائفاً ، فقالوا : إنّ هذا الطائر ليدور على ماء ، ولَعَهْدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ، فأرسلوا جَرِيَّاً أو جَرِيَّينْ فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبروهم بالماء ، فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ فقالت : نعم ، ولكن لا حقَّ لكم في الماء ، قالوا نعم . قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أمَّ إسماعيل وهي تحب الأُنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشبَّ الغلام وتعلم العربية منهم ، وأَنْفَسَهُم وأعجبهم حين شبَّ ، فلما أدرك زوَّجوه امرأةً منهم . وماتت أم إسماعيل ، فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته … ذكرنا تلك القصة في سورة البقرة . قوله تعالى : { رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ } ، الأفئدة : جمع الفؤاد { تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ } ، تشتاق وتحنُّ إليهم . قال السدي : ومعناه أَمِلْ قلوبهم إلى هذا الموضع . قال مجاهد : لو قال افئدة الناس لزاحمتكم فارس والروم والترك والهند . وقال سعيد بن جبير : لحجَّت اليهود والنصارى والمجوس ، ولكنه قال " أفئدة من الناس " وهم المسلمون . { وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ } ، ما رزقت سكان القرى ذوات الماء ، { لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } .