Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 91-92)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَـٰهَدتُّمْ } ، والعهد هاهنا هو : اليمين . قال الشعبي : العهد يمين وكفارته كفارة يمين ، { وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَـٰنَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } ، تشديدها ، فتحنثوا فيها ، { وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً } ، شهيداً بالوفاء . { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } ، واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية وإن كان حكمها عاماً ؟ . قيل : نزلت في الذين بايعوا رسول الله ، أمرهم الله بالوفاء بها . وقال مجاهد وقتادة : نزلت في حلف أهل الجاهلية . ثم ضرب الله مثلاً لنقض العهد فقال : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ } ، أي : من بعد غزله وإحكامه . قال الكلبي ، ومقاتل : هي امرأة خرقاء حمقاء من قريش ، يقال لها : " ريطة بنت عمرو بن سعد بن كعب بن زيد مناة بن تميم " ، وتلقب بجعر ، وكانت بها وسوسة ، وكانت اتخذت مغزلاً بقدر ذراع وصنارة مثل الأصبع ، وفلكة عظيمة ، على قدرها ، وكانت تغزل الغزل من الصوف والشعر والوَبَرِ ، وتأمر جواريها بذلك ، فكن يغزلن من الغداة إلى نصف النهار ، فإذا انتصف النهار أمرتهن بنقض جميع ما غزلنَ فهذا كان دأبها . ومعناه أنها لم تكف عن العمل ، ولا حين عملت كفَّت عن النقض ، فكذلك أنتم إذا نقضتم العهد ، لا كففتم عن العهد ، ولا حين عاهدتم وفيتم به . { أَنكَـٰثًا } ، يعني أنقاضاً واحدها " نكث " وهو ما نقض بعد الفتل ، غزلاً كان أو حَبْلاً . { تَتَّخِذُونَ أَيْمَـٰنَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ } ، أي : دَخَلاً وخيانة وخديعة ، و " الدَّخَل " ما يدخل في الشيء للفساد . وقيل : " الدَّخَل " و " الدَّغَل " : أن يظهر الوفاء ويبطن النقض . { أَن تَكُونَ } أي : لأن تكون ، { أُمَّةٌ هِىَ أَرْبَى } ، أي : أكثر وأعلى ، { مِنْ أُمَّةٍ } قال مجاهد : وذلك أنهم كانوا يحالفون الحلفاء فإذا وجدوا قوماً أكثر منهم وأعز نقضوا حلف هؤلاء وحالفوا الأكثر ، فمعناه : طلبتم العز بنقض العهد ، بأن كانت أمة أكثر من أمة . فنهاهم الله عن ذلك . { إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِ } ، يختبركم الله بأمره إياكم بالوفاء بالعهد ، { وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } ، في الدنيا .