Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 40-44)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { أَفَأَصْفَـٰكُمْ رَبُّكُم } ، أي : اختاركم فجعل لكم الصفوة ولنفسه ما ليس بصفوة ، يعني : اختاركم ، { بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلَـٰئِكَةِ إِنَاثًا } لأنهم كانوا يقولون الملائكة بنات الله ، { إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا } ، يخاطب مشركي مكة . قوله عزّ وجلّ : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانِ } ، يعني : ما ذُكِر من العبر ، والحِكَم ، والأمثال ، والأحكام ، والحجج ، والإِعلام ، والتشديدُ للتكثير والتكرير ، { لِيَذَّكَّرُواْ } أي : ليتذكروا ويتعظوا ، وقرأ حمزة والكسائي بإسكان الذال وضم الكاف وكذلك في الفرقان . { وَمَا يَزِيدُهُمْ } ، تصريفنا وتذكيرنا ، { إِلاَّ نُفُورًا } ، ذهاباً وتباعداً عن الحق . { قُل } ، يا محمد لهؤلاء المشركين ، { لَّوْ كَانَ مَعَهُ ءَالِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ } ، قرأ حفص وابن كثير { يقولون } بالياء وقرأ الآخرون بالتاء ، { إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ } ، لطلبوا يعني الآلهة { إِلَىٰ ذِى ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } ، بالمبالغة والقهر ليزيلوا ملكه ، كفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض . وقيل : معناه لطلبوا إلى ذي العرش سبيلاً بالتقرب إليه . قال قتادة : لعرفوا الله وفضله وابتغوا ما يقربهم إليه . والأول أصح ، ثم نزه نفسه ، فقال عزَّ من قائل : { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ } ، قرأ حمزة والكسائي { تقولون } بالتاء والآخرون بالياء ، { عُلُوّاً كَبِيراً } . { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ } ، قرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص ، ويعقوب : { تسبح } بالتاء وقرأ الآخرون بالياء للحائل بين الفعل والتأنيث . { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } ، روي عن ابن عباس أنه قال : وإن من شيء حي إلا يسبح بحمده . وقال قتادة : يعني الحيوانات والناميات . وقال عكرمة : الشجرة تسبِّح ، والأسطوانة لا تسبح . وعن المقدام بن معد يكرب قال : إن التراب يسبح ما لم يبتلَّ ، فإذا ابتلَّ ترك التسبيح ، وإن الخرزة تسبح ما لم تُرْفَعْ من موضعها ، فإذا رفعت تركت التسبيح ، وإن الورقة لتسبح ما دامت على الشجرة فإذا سقطت تركت التسبيح ، وإن الثوب ليسبح ما دام جديداً فإذا وسخ ترك التسبيح ، وإن الماء يسبح ما دام جارياً فإذا ركد ترك التسبيح ، وإن الوحش والطير تسبح إذا صاحت فإذا سكنت تركت التسبيح . وقال إبراهيم النخعي : وإن من شيء جمادٍ وحيٍّ إلاّ يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السقف . وقال مجاهد : كل الأشياء تسبح لله ، حياً كان أو ميتاً أو جماداً ، وتسبيحها سبحان الله وبحمده . أخبرنا عبدالواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن المثنى ، أخبرنا أبو أحمد الزبير ، أخبرنا إسرائيل ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبدالله قال : كنا نعد الآيات بركة ، وأنتم تعدُّونها تخويفاً ، كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقلَّ الماء فقال : " اطلبوا فضلة من ماء ، فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإِناء ثم قال : حيَّ على الطهور المبارك والبركة من الله ، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل " . وقال بعض أهل المعاني : تسبيح السموات والأرض والجمادات وسائر الحيوانات سوى العقلاء ما دلَّت بلطيف تركيبها وعجيب هيئتها على خالقها ، فيصير ذلك بمنزلة التسبيح منها . والأول هو المنقول عن السلف . واعلم أن لله تعالى علماً في الجمادات لا يقف عليه غيره ، فينبغي أن يوكل علمه إليه . { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } ، أي لا تعلمون تسبيح ما عدا من يسبح بلغاتكم وألسنتكم ، { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } .