Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 27-28)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { وَٱتْلُ } أي : واقرأ يا محمد ، { مَآ أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِن كِتَـٰبِ رَبِّكَ } ، يعني القرآن ، واتبع ما فيه ، { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِ } ، قال الكلبي : لا مغيّر للقرآن . وقيل : لا مغير لما أوعد بكلماته أهل معاصيه ، { وَلَن تَجِدَ } ، أنت ، { مِن دُونِهِ } ، إن لم تتبع القرآن ، { مُلْتَحَدًا } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : حرزاً . وقال الحسن : مدخلاً . وقال مجاهد : ملجأ . وقيل : مَعْدِلاً . وقيل : مهرباً . وأصله من الميل . قوله عزّ وجلّ : { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ } الآية ، نزلت في عيينة بن حصن الفزاري أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم ، وعنده جماعة من الفقراء ، فيهم سلمان وعليه شملةٌ قد عرق فيها ، وبيده خوصة يشقها ثم ينسجها ، فقال عيينة للنبي صلى الله عليه وسلم : أمَا يؤذيك ريح هؤلاء ونحن سادات مضر وأشرافها ، فإن أسلمنا أسلم الناس ، وما يمنعنا من اتِّباعك إلا هؤلاء فنحهم عنك حتى نتبعك ، أو اجعل لنا مجلساً ولهم مجلساً ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ } ، أي : احبس يا محمد نفسك ، { مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَٰوةِ وَٱلْعَشِىِّ } ، طرفي النهار ، { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } ، أي : يريدون الله ، لا يريدون به عَرَضاً من الدنيا . قال قتادة : نزلت في أصحاب الصُّفَّة ، وكانوا سبعمائة رجل فقراء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يرجعون إلى تجارة ولا إلى زرع ولا ضرع ، يصلُّون صلاة وينتظرون أخرى ، فلما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الحمد لله الذي جعل في أمتي من أُمرت أن أصبر نفسي معهم " { وَلاَ تَعْدُ } أي : لا تصرف ولا تتجاوز ، { عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } ، إلى غيرهم ، { تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، أي : طلب مجالسة الأغنياء والأشراف وصحبة أهل الدنيا . { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا } ، أي : جعلنا قلبه غافلاً عن ذكرنا ، يعني : عيينة ابن حصن . وقيل : أمية بن خلف ، { وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } ، أي مراده في طلب الشهوات ، { وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } ، قال قتادة ومجاهد : ضياعاً . وقيل : معناه ضيع عمره وعطل أيامه . وقيل : ندماً . وقال مقاتل ابن حيان : سرفاً . وقال الفراء : متروكاً . وقيل باطلاً . وقيل : مخالفاً للحق . وقال الأخفش : مجاوزاً للحد . قيل : معنى التجاوز في الحد ، هو قول عيينة : أن أسلمنا أسلم الناس ، وهذا إفراط عظيم .