Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 30-32)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } ، فإن قيل : أين جواب قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } ؟ قيل : جوابه قوله : { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى } ، وأما قوله : { إِنَّا لاَ نُضِيعُ } فكلام معترض . وقيل : فيه إضمار ، معناه : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنا لا نضيع أجرهم بل نجازيهم ، ثم ذكر الجزاء فقال : { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } ، أي : إقامة ، يقال : عَدَنَ فلان بالمكان إذا أقام به ، سمِّيتْ عَدْنَا لخلود المؤمنين فيها ، { تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَـٰرُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } ، قال سعيد بن جبير : يحلى كل واحد منهم ثلاثة أساور ، واحد من ذهب ، وواحد من فضة ، وواحد من لؤلؤ ويواقيت ، { وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ } ، وهو ما رقَّ من الديباج ، { وَإِسْتَبْرَقٍ } ، وهو ما غلظ منه ، ومعنى الغلظ في ثياب الجنة : إحكامه . وعن أبي عمران الجوني قال : السندس هو الديباج المنسوج بالذهب ، { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا } ، في الجنان ، { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ } ، وهي السُّرُر في الحِجَال ، واحدتُها أَرِيْكَة ، { نِعْمَ ٱلثَّوَابُ } . أي نِعْمَ الجزاء ، { وَحَسُنَتْ } ، الجنان { مُرْتَفَقًا } أي : مجلساً ومقراً . { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ } الآية ، قيل : نزلت في أخوين من أهل مكة من بني مخزوم ، أحدهما مؤمن ، وهو أبو سلمة عبدالله بن عبد الأسد بن عبد ياليل وكان زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم والآخر كافر وهو الأسود بن عبد الأسد بن عبد ياليل . وقيل : هذا مَثَلٌ لعيينة بن حصن وأصحابه مع سليمان ، وأصحابه ، شبههما برجلين من بني إسرائيل أخوين أحدهما مؤمن واسمه يهوذا في قول ابن عباس ، وقال مقاتل : يمليخا ، والآخر كافر واسمه قطروس ، وقال وهب : قطفير ، وهما اللذان وصفهما الله تعالى في سورة " والصافات " ، وكانت قصتهما ، على ما حكى عبدالله بن المبارك عن معمر عن عطاء الخراساني قال : كان رجلان شريكين لهما ثمانية آلاف دينار ، وقيل : كانا أخوين ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار فاقتسماها ، فعمد أحدهما فاشترى أرضاً بألف دينار ، فقال صاحبه : اللهم إن فلاناً قد اشترى أرضاً بألف دينار ، فإني أشتري منك أرضاً في الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ، ثم إن صاحبه بنى داراً بألف دينار ، فقال هذا : اللهم إن فلاناً بنى داراً بألف دينار ، فإني اشتري منك داراً في الجنة بألف دينار ، فتصدق بذلك ثم تزوج صاحبه امرأة فأنفق عليها ألف دينار ، فقال هذا المؤمن : اللهم إني أخطب إليك امرأة من نساء الجنة بألف دينار . فتصدق بألف دينار ، ثم اشترى صاحبه خدماً ومتاعاً بألف دينار ، فقال هذا : اللهم إني أشتري منك متاعاً وخدماً في الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ، ثم أصابته حاجة شديدة ، فقال : لو أتيتُ صاحبي لعله ينالني منه معروف ، فجلس على طريقه حتى مرَّ به في حشمه ، فقام إليه فنظر إليه الآخر فعرفه ، فقال : فلان ؟ قال : نعم ، فقال : ما شأنك ؟ فقال : أصابتني حاجة بعدك فأتيتك لتصيبني بخير ، فقال : ما فعل مالك وقد اقتسمنا مالاً واحداً وأخذت شطره ؟ فقصّ عليه قصته ، فقال : وإنك لمن المصدقين بهذا ؟ اذهب فلا أعطيك شيئاً ، فطرده فقضي لهما أن توفيا ، فنزل فيهما : { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } [ الصافات : 50 - 51 ] وروي أنه لما أتاه أخذ بيده وجعل يطوف به ويريه أموال نفسه ، فنزل فيهما . { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ } اذكر لهم خبر رجلين ، { جَعَلْنَا لأَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ } ، بستانين ، { مِنْ أَعنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ } ، أي : أطفناهما من جوانبهما بنخل ، والحِفَاف : الجانب ، وجمعه أحِفَّة ، يقال : حفَّ به القوم ، أي : طافوا بجوانبه ، { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا } ، أي : جعلنا حول الأعناب النخيل ، ووسط الأعناب الزرع . وقيل : " بينهما " أي بين الجنتين زرعاً ، يعني : لم يكن بين الجنتين موضع خراب .