Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 58-60)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَرَبُّكَ ٱلْغَفُورُ ذُو ٱلرَّحْمَةِ } ، ذو النعمة { لَوْ يُؤَاخِذُهُم } ، يعاقب الكفار ، { بِمَا كَسَبُواْ } ، من الذنوب { لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلْعَذَابَ } ، في الدنيا ، { بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ } ، يعني البعث والحساب ، { لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } ، ملجأً . { وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَـٰهُمْ } ، يعني : قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم ، { لَمَّا ظَلَمُواْ } ، كفروا ، { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا } ، أي : أجلاً ، قرأ أبو بكر { لمَهْلَكِهم } بفتح الميم واللام ، وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام ، وكذلك في النمل « مهلك » أي لوقت هلاكهم ، وقرأ الآخرون بضم الميم وفتح اللام أي : لإِهلاكهم . قوله عزّ وجلّ : { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَـٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ } ، عامة أهل العلم قالوا : إنه موسى بن عمران . وقال بعضهم : هو موسى بن ميشا من أولاد يوسف . والأول أصح . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو بن دينار ، أخبرني سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن نَْوفَاً البَكَالِيَّ يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل ، فقال ابن عباس : كذب عدو الله ، حدثنا أُبيّ بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن موسى قام خطيباً في بني إسرائيل ، فسئل أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا ، فعَتَبَ الله عليه ، إذْ لم يَرُدَّ العلمَ إليه ، فأوحى الله إليه أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين ، هو أعلم منك ، قال موسى : يا ربِّ فكيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حوتاً فتجعله في مِكْتَل فحيث ما فقدت الحوت فهو ثَمَّ . فأخذ حوتاً فجعله في مكتل ثم انطلق ، وانطلق معه فتاه يوشع بن نون ، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما ، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ، فاتخذ سبيله في البحر سَرَبَاً ، وأمسك الله تعالى عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق ، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت ، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد ، قال موسى لفتاه : آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نَصَبَاً ، قال : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أُمِرَ به ، وقال له فتاه : أرأيتَ إذْ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت ، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ، واتخذ سبيله في البحر عجباً ، قال : فكان للحوت سرباً ولموسى ولفتاه عجباً ، وقال موسى : ذلك ما كنا نبغ . قال : رجعا يقصّان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجَّيً بثوب ، فسلَّم عليه موسى ، فقال الخضر عليه السلام : وأنّٰى بأرضك السلام ، فقال : أنا موسى ، قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً ، قال : إنك لن تستطيع معي صبراً ، يا موسى ، إني على علمٍ من علم الله علَّمَنِيْهِ لا تعلمه أنت ، وأنت على علمٍ من علم الله علمك الله ، لا أعلمُه ، فقال موسى : ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً ، فقال له الخضر : فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أُحْدِث لك منه ذكراً ، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ، فمرَّت سفينة فكلَّموهم أن يحملوهم ، فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نَوْلٍ ، فلما ركبا في السفينة لم يضح إلاّ والخضر قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقَدُوم ، فقال له موسى : قد حملونا بغير نَوْلٍ عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟ لقد جئت شيئاً إمراً ! ، قال : ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً ؟ قال : لا تؤاخذني بما نسيتُ ولا تُرهقني من أمري عُسراً ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كانت الأولى من موسى نسياناً والوسطى شرطاً والثالثة عمداً " ، قال : وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نَقْرَةً فقال له الخضر : ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر ، ثم خرجا من السفينة ، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان ، فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله ، فقال له موسى : أقتلت نفساً زكية بغير نفس ؟ لقد جئت شيئاً نكراً ، قال : ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً ؟ قال : وهذه أشد من الأولى ، قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني ، قد بلغتَ من لَدُنِّي عذراً ، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبَوْا أن يضيفوهما ، فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض ، فأقامه ، قال : كان مائلاً ، فقال الخضر بيده فأقامه ، فقال موسى : قوم آتيناهم فلم يطعمونا ، ولم يضيفونا ، لو شئت لاتخذت عليه أجراً ، قال : " هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وَدِدْنَا أنَّ موسى كان صبر حتى يُقَصَّ علينا من خبرهما " . قال سعيد بن جبير : فكان ابن عباس يقرأ : " وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً " ، وكان يقرأ : " وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين " . وعن سعيد بن جبير في رواية أخرى عن ابن عباس عن أُبيّ بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قام موسى رسول الله فذكَّر الناس يوماً حتى إذا فاضتِ العيون ورقَّتِ القلوب ولَّٰى فأدركه رجل فقال : أيْ رسولَ الله هل في الأرض أحد أعلم منك ؟ قال : لا ، فعَتَبَ الله عليه ، إذ لم يردَّ العلمَ إلى الله قيل : بلٰى عبدنا الخضر قال : أي ربِّ وأين ؟ قال : بمجمع البحرين ، قال : ربِّ اجعل لي علماً أعلم بك منه قال : خذ حوتاً ميِّتاً حيث ينفخ فيه الروح ، وفي رواية قيل له : تزود حوتاً مالحاً فإنه حيث تفقد الحوت ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل " . رجعنا إلى التفسير ؛ قوله عزّ وجلّ : { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَـٰهُ } ، يوشع بن نون ، { اۤ أَبْرَحُ } ، أي لا أزال أسير { حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ } ، قال قتادة : بحر فارس وبحر الروم ، مما يلي المشرق . وقال محمد بن كعب : طنجة . وقال أبيّ بن كعب : أفريقية . { أَوْ أَمْضِىَ حُقُباً } ، وإن كان حُقُباً أي دهراً طويلاً وزماناً ، وجمعه أحقاب ، والحُقب : جمع الحَقب . قال عبدالله بن عمر : والحقب ثمانون سنة ، فحملا خبزاً وسمكة مالحة حتى انتهيا إلى الصخرة التي عند مجمع البحرين ليلاً وعندها عين تسمى ماء الحياة لا يصيب ذلك الماء شيئاً إلا حي ، فلما أصاب السمكة روح الماء وبرده اضطربت في المكتل وعاشت ودخلت البحر .