Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 81-82)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا } ، قرأ أبو جعفر ونافع وأبو عمرو : بالتشديد هاهنا وفي سورة " التحريم " و " القلم " ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، وهما لغتان ، وفرق بعضهم فقال : " التبديل " : تغيير الشيء ، أو تغيير حاله وعين الشيء قائم ، و " الإِبدال " : رفع الشيء ووضع شيء آخر مكانه ، { رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـوٰةً } ، أي صلاحاً وتقوى ، { وَأَقْرَبَ رُحْماً } ، قرأ ابن عامر ، وأبو جعفر ، ويعقوب : بضم الحاء ، والباقون بجزمها ، أي : عطفاً من الرحمة . وقيل : هو من الرَّحِم والقرابة ، قال قتادة : أي أوصل للرحم وأبر بوالديه . وقال الكلبي : أبدلهما الله جارية فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت له نبياً ، فهدىٰ الله على يديه أمة من الأمم . وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال : أبدلهما الله جارية ولدت سبعين نبياً . وقال ابن جريج : أبدلهما بغلام مسلم . قال مطرف : فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل . ولو بقي لكان فيه هلاكهما ، فليرضَ أمرؤٌ بقضاء الله تعالى ، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضاءه فيما يحب . قوله عزّ وجلّ : { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَـٰمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى ٱلْمَدِينَةِ } ، وكان اسمهما أصرم وصريم ، { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } ، اختلفوا في ذلك الكنز . روي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كان ذهباً وفضة " وقال عكرمة : كان مالاً . وعن سعيد بن جبير : كان الكنز صحفاً فيها علم . وعن ابن عباس : أنه قال كان لوحاً من ذهب مكتوباً فيه : " عجباً لمن أيقن بالموت كيف يفرح ! عجباً لمن أيقن بالحساب كيف يغفل ! عجباً لمن أيقن بالرزق كيف يتعب ! عجباً لمن أيقن بالقدر كيف ينصب ! عجباً لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ! لا إله إلا الله محمد رسول الله " . وفي الجانب الآخر مكتوب " أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ، خلقت الخير والشر ، فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه " وهذا قول أكثر المفسرين . وروي أيضاً ذلك مرفوعاً . قال الزجاج : الكنز إذا أطلق ينصرف إلى كنز المال ، ويجوز عند التقييد أن يقال عنده كنز علم ، وهذا اللوح كان جامعاً لهما . { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَـٰلِحاً } ، قيل : كان اسمه " كاسح " وكان من الأتقياء . قال ابن عباس : حُفِظا بصلاح أبويهما . وقيل : كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة آباء . قال محمد بن المنكدر : إن الله يحفظ بصلاح العبد ولده وولد ولده ، وعترته وعشيرته وأهل دويراتٍ حوله ، فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم . قال سعيد بن المسيب : إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي . قوله عزّ وجلّ : { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا } ، أي : يبلغا ويعقلا . وقيل : أن يدركا شدتهما وقوتهما . وقيل : ثمان عشرة سنة . { وَيَسْتَخْرِجَا } حينئذ { كَنزَهُمَا رَحْمَةً } ، نعمة ، { مِّن رَّبِّكَ } . { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمرِي } ، أي باختياري ورأيي ، بل فعلته بأمر الله وإلهامه ، { ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً } ، أي لم تطق عليه صبراً ، و " استطاع " و " اسطاع " بمعنًى واحد . روي أن موسى لما أراد أن يفارقه قال له : أوصني ، قال : لا تطلب العلم لتحدث به واطلبه لتعمل به . واختلفوا في أن الخضر حيّ أم ميت ؟ قيل : إن الخضر وإلياس حيان يلتقيان كل سنة بالموسم . وكان سبب حياته فيما يحكٰى أنه شرب من عين الحياة ، وذلك أن ذا القرنين دخل الظلمات لطلب عين الحياة . وكان الخضر على مقدمته ، فوقع الخضر على العين فنزل واغتسل وتوضأ وشرب وصلى شكراً لله عزّ وجلّ ، وأخطأ ذو القرنين الطريق فعاد . وذهب آخرون إلى أنه ميت لقوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ } [ الأنبياء : 34 ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما صلى العشاء ليلة : " أََرأَيْتَكُمْ ليلتَكُم هذه ؟ فإِنَّ على رأسِ مائةِ سنةٍ منها لا يبقى ممن هو اليوم حيٌّ على ظهرِ الأرض أحٌد " ولو كان الخضر حياً لكان لا يعيش بعده " .