Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 96-98)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ءَاتُونِى } : أعطوني ، وقرأ أبو بكر : { ائتوني } أي جيئوني ، { زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ } ، أي : قِطَع الحديد ، واحدتها زُبْرَة ، فأتوه بها وبالحطب ، وجعل بعضها على بعض ، فلم يزل يجعل الحديد على الحطب والحطب على الحديد ، { حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ } ، قرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، ويعقوب : بضم الصاد والدال ، وجزم أبو بكر الدال ، وقرأ الآخرون بفتحها ، وهما الجبلان ، ساوىٰ : أي : سوى بين طرفي الجبلين . { قَالَ ٱنفُخُواْ } ، وفي القصة : أنه جعل الفحم والحطب في خلال زبر الحديد ، ثم قال : انفخوا ، يعني : في النار . { حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً } ، أي صار الحديد ناراً ، { قَالَ ءَاتُونِىۤ } ، قرأ حمزة وأبو بكر وصلاً ، وقرأ الآخرون بقطع الألف . { أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } ، أي : آتوني قطراً أفرغ عليه ، و " الإِفراغ " : الصبّ ، و " القِطْر " : هو النحاس المذاب ، فجعلت النار تأكل الحطب ، ويصير النحاس مكان الحطب حتى لزم الحديد النحاس . قال قتادة : هو كالبُرْدِ المحبَّر ، طريقة سوداء وطريقة حمراء . وفي القصة : أن عرضه كان خمسين ذراعاً وارتفاعه مائتي ذراع وطوله فرسخ . { فَمَا ٱسْطَـٰعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ } ، أن يعلوه من فوقه لطوله وملاسته ، { وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً } ، من أسفله ، لشدَّته ولصلابته . وقرأ حمزة : { فما استطاعوا } بتشديد الطاء أدغم تاء الافتعال في الطاء . { قَالَ } ، يعني ذا القرنين ، { هَـٰذَا } ، أي السد ، { رَحْمَةٌ } ، أي : نعمة ، { مِّن رَّبِّى فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّى } ، قيل : القيامة . وقيل : وقت خروجهم . { جَعَلَهُ دَكَّآءَ } ، قرأ أهل الكوفة { دكاء } بالمد والهمز ، أي : أرضاً ملساء ، وقرأ الآخرون بلا مدّ ، أي : جعله مدكوكاً مستوياً مع وجه الأرض ، { وَكَانَ وَعْدُ رَبِّى حَقّاً } ، وروى قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة يرفعه : " أن يأجوج ومأجوج يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً فيعيده الله كما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله ، واستثنى فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه فيخرجون على الناس ، فيتبعون المياه ويتحصن الناس في حصونهم منهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء ، فيرجع فيها كهيئة الدم ، فيقولون : قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء ، فيبعث الله عليها نَغَفَاً في أَقْفَائِهم فيهلكون ، وإن دواب الأرض لتسمن وتَشْكَرُ من لحومهم شكراً " . أخبرنا إسماعيل بن عبدالقاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن مهران الرازي ، حدثنا الوليد ابن مسلم ، حدثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ، عن يحيـى بن جابر الطائِيِّ ، عن عبدالرحمن ابن جُبَيْر ابن نُفَيْر ، عن أبيه جبير بن نفير ، عن النَّواس بن سمعان قال : " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفَّض فيه ورفَّع حتى ظننَّاه في طائفة النخل ، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا ، فقال : " ما شأنكم ؟ " قلنا : يا رسول الله ذكرت الدجال ذات غداة فخفَّضْتَ فيه ورفَّعْتَ ، حتى ظنناه في طائفة النخل ، فقال : " غيرُ الدجَّالِ أخوفني عليكم ؟ إنْ يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ، وإن يخرج ولست فيكم فكل امرىءٍ حجيجُ نفسه ، والله خليفتي على كلِّ مسلم ، إنه شاب قَطَطٌ عينه اليمنى طافية ، كأني أشبهه بعبد العُزَّىٰ بن قَطَنٍ ، فمَنْ أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ، إنه خارج خَلَّةً بين الشام والعراق ، فعاث يميناً وعاث شمالاً ، يا عباد الله ! فاثبتوا " قلنا : يا رسول الله فما لبثه في الأرض ؟ قال : " أربعون يوماً يوم كسنة ، ويوماً كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم " قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : لا ، ٱقْدُرُوا له قَدْرَة ، قلنا : يا رسول الله وما إسراعه في الأرض ؟ قال : " كالغيث استدبَرَتْهُ الريح ، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنوا به ويستجيبوا له ، فيأمر السماء فتمطر الأرض ، فتنبت فتروح عليهم سَارِحَتُهُم أطول ما كانت ذُرَىً وأسبغه ضُروعاً وأمدَّه خواصر ، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله ، قال : فينصرف عنهم ، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ، ويمر بالخَرِبَةِ ، فيقول لها : أَخْرِجي كنوزك ، فيتبعه كنوزها كيعاسيب النَّحْل ، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جَزْلتين رمية الغَرَض ، ثم يدعوه فيُقْبِل ويتهلَّل وجهه ويضحك ، فبينما هو كذلك إذْ بعث الله المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقَّي باب دمشق ، بين مَهْرُورَتَيْن ، واضِعاً كفَّيْه على أجنحة مَلَكين ، إذا طأطأ رأسه قَطَرَ ، وإذا رفعه تحدَّر منه مثل جُمَانِ اللؤلؤ ، فلا يحلُّ لكافر يجد ريح نَفَسِه إلا مات ، ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طَرْفُه ، فيطلبه حتى يدركه بباب لُدٍّ فيقتله ، ثم يأتي عيسى قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدِّثهم بدرجاتهم في الجنة ، فبينما هو كذلك إذْ أوحى الله إلى عيسى : إني قد أخرجت عباداً لي لا يَدَانِ لأحد بقتالهم فَحَرِّزْ عبادي إلى الطُّورِ ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حَدَبٍ يَنْسِلون ، فيمر أوائلُهم على بحيرة طبريَّةَ فيشربون ما فيها ، ويمرّ آخرهم فيقول : لقد كان بهذه مرةً ماء ، ويُحْصَرُ نبيُّ الله وأصحابه ، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدِكم اليوم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه ، فيرسل الله عليهم النَّغَفَ في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا مَلأَه زَهَمُهُم وَنْتنُهُم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله طيراً كأعناق البُخْتِ ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ، ثم يرسل الله مطراً لا يَكُنُّ منه بيتُ مدرٍ ولا وَبَرٍ فيغسل الأرضَ ، حتى يتركها كالزَّلَقَةِ ، ثم يقال للأرض : أنبتي ثمرتك ، ورُدِّي بركتك ، فيومئذ تأكل العصابة من الرُّمَّانة ، ويستظلُّون بقِحْفها ، ويُبَارَك في الرِّسْل حتى إن اللِّقْحَةَ من الإِبل لتكفي الفئام من الناس ، واللِّحقة من البقر لتكفي القبيلة من الناس ، واللقحة من الغنم لتكفي الفَخِذَ من النَّاس ، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيِّبةً ، فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كلِّ مؤمنِ وكل مسلم ، ويبقى شِرَارُ الناس يَتَهارَجُونَ تَهَارُجَ الحُمُرِ ، فعليهم تقوم الساعة " " . وبهذا الإِسناد حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا علي بن حجر السعدي ، حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ، والوليد بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بهذا الإِسناد نحو ما ذكرنا وزاد بعد قوله : " لقد كان بهذه مرة ماء - : ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخَمْرِ وهو جبل بيت المقدس ، فيقولون : لقد قتلنا مَنْ في الأرض هَلُمَّ فلنقتل مَنْ في السماء ، فيرمون بنشَّابهم إلى السماء ، فيرُدُّ الله عليهم نُشَّابهم مخضوبةً دماً " . وقال وهب : إنهم يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه ، ثم يأكلون الخشب والشجر ، ومن ظفروا به من الناس ، ولا يقدرون أن يأتوا مكة ولا المدينة ولا بيت المقدس . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبدالله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا أحمد ، أنبأنا أبي ، أنبأنا إبراهيم عن الحجاج بن حجاج ، عن قتادة عن عبدالله ابن أبي عتبة ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليحجنّ البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج " وفي القصة : أن ذا القرنين دخل الظلمة فلما رجع توفي بشهر زور . وذكر بعضهم : أن عمره كان نيفاً وثلاثين سنة .