Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 72-72)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ثُمَّ نُنَجِّى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } ، أي اتقوا الشرك ، وهم المؤمنون . والنجاة إنّما تكون مما دخلت فيه . وقرأ الكسائي ، ويعقوب : { نُنْجِي } بالتخفيف . والآخرون : بالتشديد . والدليل على هذا : ما أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أخبرنا عبد الرحيم بن منيب ، أخبرنا سفيان ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يموت لمسلمٍ ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلَّة القسم " . وأراد بالقسم قوله : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، أخبرنا هشام ، أخبرنا قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن بُرَّة من خير . ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير " وقال أبان عن قتادة : " منْ إيمان " مكان " خير " . أخبرنا أبو المظفر محمد بن إسماعيل بن علي الشجاعي ، أخبرنا أبو نصر النعمان بن محمد بن محمود الجرجاني ، أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري ، أخبرنا محمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا محمد بن الفضل أبو النعمان ، أخبرنا سلام بن مسكين ، أخبرنا أبو الظلال عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن رجلاً في النار ينادي ألف سنة يا حنان يا منان ، فيقول الله عزّ وجلّ لجبريل : اذهب فائتني بعبدي هذا ، قال : فذهب جبريل فوجد أهل النار منكبِّين يبكون ، قال : فرجع فأخبر ربه عزّ وجلّ ، قال : اذهب فإنه في موضع كذا وكذا ، قال : فجاء به ، قال : يا عبدي كيف وجدتَ مكانك ومقيلك ؟ قال : يا رب شرّ مكان وشرّ مقيل ، قال : ردوا عبدي ، قال : ما كنت أرجو أن تعيدني إليها إذ أخرجتني منها ، قال الله تعالى لملائكته : دعوا عبدي " . وأما قوله عزّ وجلّ : { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا } [ الأنبياء : 102 ] قيل : إن الله عزّ وجلّ أخبر عن وقت كونهم في الجنة أنهم لا يسمعون حسيسها ، فيجوز أن يكونوا قد سمعوا ذلك قبل دخولهم الجنة ، لأنه لم يقل : لم يسمعوا حسيسها . ويجوز أن لا يسمعوا حسيسها عند دخولهم إيّاها ، لأن الله عزّ وجلّ يجعلها عليهم برداً وسلاماً . وقال خالد بن معدان : يقول أهل الجنة ألم يَعِدْنَا ربُّنا أن نرد النار ؟ فيقال : بلى ، ولكنكم مررتم بها ، وهي خامدة . وفي الحديث : " تقول النار للمؤمن : « جُزْ يامؤمن فقد أطفأ نورُك لهبي » " . وروي عن مجاهد في قوله عزّ وجلّ : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } قال : مَنْ حُمَّ من المسلمين فقد وردها . وفي الخبر " الحمى كير من جهنم ، وهي حظُّ المؤمن من النار " . أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن المثنى ، أخبرنا يحيـى ، عن هشام ، أخبرني أبي عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء " . { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } ، أي : كان ورودكم جهنم حتماً لازماً . { مَّقْضِيّاً } : قضاه الله عليكم . { ثُمَّ نُنَجِّى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } ، أي اتقوا الشرك ، وقرأ الكسائي { نُنْجِى } بالتخفيف ، والباقون بالتشديد ، { وَّنَذَرُ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } ، جميعاً . وقيل : جاثين على الركب ، وفيه دليل على أن الكل دخلوها ثم أخرج الله منها المتقين ، وترك فيها الظالمين . وهم المشركون . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن الزهري ، أخبرني سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبرهما " أن الناس قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : " هل تضارُّون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ، قالوا : لا يا رسول الله ، قال : " فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب " ، قالوا : لا ، قال : فإنكم ترونه كذلك ، يحشر الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئاً فليتبعه ، فمنهم من يتبع الشمس ، ومنهم من يتبع القمر ، ومنهم من يتبع الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله عزّ وجلّ فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا فيدعوهم ، ويُضرب الصراط بين ظهراني جهنم ، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ، وكلام الرسل يومئذ اللهم سلِّمْ سلِّمْ ، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان ؟ قالوا : نعم ، قال : فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله ، تخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم من يوبق بعمله ، ومنهم من يجردل ثم ينجو ، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله ، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود ، وحرَّم الله على النار أن تأكل أثر السجود ، فيخرجون من النار ، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود ، فيُخرجون من النار قد ٱمْتَحَشُوا ، فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحِبَّة في حَمِيْل السيل ، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ، ويبقى رجل بين الجنة والنار ، وهو آخر أهل النار دخولاً الجنة ، مقبل بوجهه قِبَلَ النار ، فيقول : يا ربِّ اصرف وجهي عن النار ، قد قَشَبَني ريحها وأحرقني ذُكاؤها ، فيقول : هل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غير ذلك ؟ فيقول : لا ، وعزتِك . فيعطي الله ما يشاء من عهدٍ وميثاق ، فيصرف الله وجهه عن النار ، فإذا أُقبل به على الجنة رأى بهجتها ، سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم قال : يا ربِّ قدمني عند باب الجنة ، فيقول الله تبارك وتعالى : أليس قد أعطيتَ العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت ، فيقول : يا رب لا أكون أشقى خلقك ، فيقول : فما عسيتَ إن أُعطيت ذلك أن تسأل غيره ؟ فيقول : لا وعزتِك لا أسأل غير ذلك ، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق ، فيقدمه إلى باب الجنة ، فإذا بلغ بابها ورأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور ، فسكت ما شاء الله أن يسكت ، فيقول : يارب أدخِلْني الجنة ، فيقول الله تعالى : ويحك ياابن آدم ما أغدرك ، أليس قد أعطيتَ العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي أُعطيتَ ؟ فيقول : يارب لا تجعلني أشقى خلقك ، فيضحك الله منه ، ثم يأذن له في دخول الجنة ، فيقول : تمنَّ ، فيتمنى حتى إذا انقطع أمنيتُه ، قال الله تعالى : تمنَّ كذا وكذا ، أقبل يُذكّره ربه ، حتى إذا انتهت به الأماني ، قال الله تعالى : لك ومثله معه . قال أبو سعيد لأبي هريرة : إن رسول الله قال : " قال الله تعالى لك ذلك وعشرة أمثاله " قال أبو هريرة : لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله : لك ذلك ومثله معه : قال أبو سعيد إني سمعته يقول « ذلك لك وعشرة أمثاله » " . ورواه محمد بن إسماعيل عن محمود بن غيلان ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي هريرة بمعناه ، قال : " فيأتيهم الله عزّ وجلّ في غير الصورة التي يعرفون فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا أتانا ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا فيتبعونه " . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري ، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أخبرنا محمد بن حماد ، أخبرنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يُعَذَّبُ أناس من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا حُمَمَاً ، ثم تدركهم الرحمة ، قال : فيُخرجون فيُطرحون على أبواب الجنة ، قال : فيرش عليهم أهل الجنة الماء فينبتون كما تنب القثاء في حمالة السيل ، ثم يدخلون الجنة " . أخبرنا أبو محمد بن عبد الصمد الجوزجاني ، أخبرنا أبو القاسم على بن أحمد الخزاعي ، أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب ، أخبرنا أبو عيسى الترمذي ، أخبرنا هناد بن السَّري ، أخبرنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم عن عَبِيْدَة السلْماني ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعرف آخر أهل النار خروجاً من النار رجل يخرج منها زحفاً فيقال له : انطلق فادخل الجنة ، قال : فيذهب ليدخل الجنة فيجد الناس قد أخذوا المنازل ، فيرجع فيقول : يارب قد أخذ الناس المنازل ، فيقال : أتذكر الزمان الذي كنت فيه ؟ فيقول : نعم فيقال له : تمنَّ ، فيتمنى ، فيقال له : فإن لك الذي تمنيته وعشرة أضعاف الدنيا ، قال فيقول : أتسخر بي وأنت الملك ؟ قال : فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه " . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أخبرنا محمد بن حماد ، أخبرنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن أم مبشر ، عن حفصة أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " « إني لأرجو أن لا يدخل النارَ إن شاء الله أحدٌ شهد بدراً والحديبية » ، قال : قلت يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } ؟ قال : أفلم تسمعيه يقول : { ثُمَّ نُنَجِّى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } " .