Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 100-103)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { أَوَ كُلَّمَا } واو العطف دخلت عليها ألف الاستفهام { عَـٰهَدُواْ عَهْدًا } يعني اليهود عاهدوا لئن خرج محمد لَيؤمِنُنَّ به ، فلما خرج كفروا به . قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخذ الله عليهم من الميثاق وعهد إليهم في محمد أن يؤمنوا به ، قال مالك بن الصيف : والله ما عُهِدَ إلينا في محمد عهدٌ ، فأنزل الله تعالىٰ هذه الآية ، يدل عليه قراءة أبي رجاء العطاردي « أو كلما عوهدوا » فجعلهم مفعولين ، وقال عطاء : هي العهود التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين اليهود أن لا يعاونوا المشركين على قتاله فنقضوها كفعل بني قريظة والنضير ، دليله قوله تعالىٰ : { الَّذينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ } [ الأنفال : 56 ] { نَّبَذَهُ } طرحه ونقضه { فَرِيقٌ } طوائف { مِّنْهُم } من اليهود { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَمَّا جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } يعني محمداً { مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } يعني التوراة وقيل : القرآن { كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } قال الشعبي : كانوا يقرؤون التوراة ولا يعملون بها ، وقال سفيان بن عيينة : أدرجوها في الحرير والديباج وحلوها بالذهب والفضة ولم يعملوا بها فذلك نبذهم لها . قوله تعالى : { وَٱتَّبَعُواْ } يعني اليهود { مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ } أي : ما تَلَتْ ، والعرب تضع المستقبل موضع الماضي ، والماضي موضع المستقبل ، وقيل : ما كانت تتلو أي تقرأ ، قال ابن عباس رضي الله عنه : تتبع وتعمل به ، وقال عطاء تحدث وتكلم به { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } أي ملكه وعهده . وقصة الآية : أن الشياطين كتبوا السحر والنيرنجيات على لسان آصف بن برخيا هذا ما علَّم آصف بن برخيا سليمان الملك ، ثم دفنوها تحت مصلاه حتى نزع الله الملك عنه ولم يشعر بذلك سليمان فلما مات استخرجوها وقالوا للناس : إنما ملكهم سليمان بها فتعلموه فأما علماء بني اسرائيل وصلحاؤهم فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا من علم الله ، وأما السِّفْلَة ، فقالوا : هذا علم سليمان ، وأقبلوا على تعلمه ، ورفضوا كتب أنبيائهم ، وفشت الملامة على سليمان فلم يزل هذا حالهم وفعلهم حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه براءة سليمان ، هذا قول الكلبي . وقال السدي : كانت الشياطين تصعد إلى السماء ، فيسمعون كلام الملائكة فيما يكون في الأرض من موت وغيره ، فيأتون الكهنة ويخلطون بما يسمعون في كل كلمة سبعين كذبة ويخبرونهم بها فَكُتِبَ ذلك وفشا في بني إسرائيل أن الجن يعلمون الغيب ، فبعث سليمان في الناس وجمع تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنه تحت كرسيه وقال : لا أسمع أحداً يقول إن الشيطان يعلم الغيب إلا ضربت عنقه ، فلما مات سليمان وذهب العلماء الذين كانوا يعرفون أمر سليمان ودفنه الكتب ، وخلف من بعدهم خلف ، تمثل الشيطان على صورة إنسان فأتى نفراً من بني إسرائيل فقال : أدلكم على كنز لا تأكلونه أبداً قالوا : نعم فذهب معهم فأراهم المكان الذي تحت كرسيه ، فحفروا فأقام ناحية فقالوا له : أدن قال : لا أحضر ، فإن لم تجدوه فاقتلوني ، وذلك أنه لم يكن أحد من الشياطين يدنو من الكرسي إلا احترق ، فحفروا وأخرجوا تلك الكتب ، فقال الشيطان لعنه الله : إن سليمان كان يضبط الجن والإِنس والشياطين والطير بهذا ، ثم طار الشيطان عنهم ، وفشا في الناس أن سليمان كان ساحراً ، وأخذوا تلك الكتب ( واستعملوها ) فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود ، فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم برأ الله تعالىٰ سليمان من ذلك ، وأنزل في عذر سليمان : { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ } بالسحر ، وقيل : لم يكن سليمان كافراً بالسحر ويعمل به { وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ } قرأ ابن عباس رضي الله عنه والكسائي وحمزة ؛ « لكن » ، خفيفة النون ، « والشياطين » ، رفع ، وقرأ الآخرون ولكنَّ مشددة النون « والشياطين » نصب ، وكذلك { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ } [ الأنفال : 17 ] { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [ الأنفال : 17 ] ومعنى ولكن : نفي الخبر الماضي وإثبات المستقبل . { يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ } قيل : معنى السحر العلم والحذق بالشيء قال الله تعالىٰ : { وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [ الزخرف : 49 ] أي : العالم ، والصحيح : أن السحر عبارة عن التمويه والتخييل ، والسحر وجوده حقيقة عند أهل السنة ، وعليه أكثر الأمم ، ولكن العمل به كفر ، حكي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال : السحر يخيل ويمرض وقد يقتل ، حتى أوجب القصاص على من قتل به فهو من عمل الشيطان ، يتلقاه الساحر منه بتعليمه إياه ، فإذا تلقاه منه استعمله في غيره ، وقيل : إنه يؤثر في قلب الأعيان فيجعل الآدمي على صورة الحمار ويجعل الحمار على صورة الكلب ، والأصح أن ذلك تخييل قال الله تعالىٰ : { يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } [ طه : 66 ] لكنه يؤثر في الأبدان بالأمراض والموت والجنون ، وللكلام تأثير في الطباع والنفوس ، وقد يسمع الإِنسان ما يكره فيحمى ويغضبُ وربما يُحم منه ، وقد مات قوم بكلام سمعوه فهو بمنزلة العوارض والعلل التي تؤثر في الأبدان . قوله عز وجل { وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ } أي ويعملون الذي أنزل على الملكين أي إلهاماً وعلماً ، فالإِنزال بمعنى الإِلهام والتعليم ، وقيل : واتبعوا ما أنزل على الملكين وقرأ ابن عباس والحسن الملِكين بكسر اللام ، وقال ابن عباس : هما رجلان ساحران كانا ببابل ، وقال الحسن : عِلجان لأن الملائكة لا يعلمون السحر . وبابل هي بابل العراق سميت بابل لتبلبل الألسنة بها عند سقوط صرح نمرود أي تفرقها ، قال ابن مسعود : بابل أرض الكوفة ، وقيل : جبل دماوند ، والقراءة المعروفة على الملكين بالفتح . فإن قيل : كيف يجوز تعليم السحر من الملائكة ؟ قيل : له تأويلان : أحداهما ، أنهما لا يتعمدان التعليم لكن يصفان السحر ويذكران بطلانه ويأمران باجتنابه ، والتعليم بمعنى الإِعلام ، فالشقي يترك نصيحتهما ويتعلم السحر من صنعتهما . والتأويل الثاني : وهو الأصح : أن الله تعالىٰ امتحن الناس بالملكين في ذلك الوقت فمن شقى يتعلم السحر منهما ويأخذه عنهما ويعمل به فيكفر به ، ومن سعد يتركه فيبقى على الإيمان ، ويزداد المعلمان بالتعليم عذاباً ، ففيه ابتلاء للمعلم والمتعلم ولله أن يمتحن عباده بما شاء ، فله الأمر والحكم . قوله عز وجل { هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ } اسمان سريانيان وهما في محل الخفض على تفسير الملكين إلا أنهما نصبا لعجمتهما ومعرفتهما ، وكانت قصتهما على ما ذكر ابن عباس والمفسرون : أن الملائكة رأوا ما يصعد إلى السماء من أعمال بني آدم الخبيثة في زمن إدريس عليه السلام فعيروهم وقالوا : هؤلاء الذين جعلتهم في الأرض خليفة واخترتهم فهم يعصونك فقال الله تعالىٰ : لو أنزلتكم إلى الأرض وركَّبت فيكم ما ركبت فيهم لركِبتم مثل ما ركبوا فقالوا : سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نعصيك قال لهم الله تعالىٰ : فاختاروا ملكين من خياركم أُهِبطهما إلى الأرض ، فاختاروا هاروت وماروت وكانا من أصلح الملائكة وأعبدهم ، وقال الكلبي : قال الله تعالىٰ لهم : اختاروا ثلاثة فاختاروا عَزا وهو هاروت وعزايا وهو ماروت - غُير إسمهما لما قارفا الذنب - وعزائيل ، فركب الله فيهم الشهوة وأهبطهم إلى الأرض وأمرهم أن يحكموا بين الناس بالحق ، ونهاهم عن الشرك والقتل بغير الحق والزنا وشرب الخمر ، فأما عزائيل فإنه لما وقعت الشهوة في قلبه استقبل ربه وسأله أن يرفعه إلى السماء ، فأقاله فسجد أربعين سنة لم يرفع رأسه ، ولم يزل بعد ذلك مطأطئاً رأسه حياء من الله تعالىٰ . وأما الآخران : فإنهما ثبتا على ذلك وكانا يقضيان بين الناس يومهما ، فإذا أمسيا ذكرا اسم الله الأعظم وصعدا إلى السماء ، قال قتادة : فما مر عليهما شهر حتى افتُتِنَا . قالوا جميعاً أنه اختصمت إليهما ذات يوم الزهرة وكانت من أجمل النساء ، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : وكانت من أهل فارس وكانت ملكة في بلدها فلما رأياها أخذت بقلوبهما فراوداها عن نفسها فأبت وانصرفت ثم عادت في اليوم الثاني ففعلا مثل ذلك فأبت وقالت : لا إلا أن تعبدا ما أعبد وتصليا لهذا الصنم وتقتلا النفس وتشربا الخمر ، فقالا : لا سبيل إلى هذه الأشياء فإن الله تعالىٰ قد نهانا عنها ، فانصرفت ثم عادت في اليوم الثالث ومعها قدح من خمر ، وفي أنفسهما من الميل إليها ما فيها فراوداها عن نفسها فعرضت عليهما ما قالت بالأمس فقالا : الصلاة لغير الله عظيم ، وقتل النفس عظيم ، وأهون الثلاثة شرب الخمر ، فشربا الخمر فانتشيا ووقعا بالمرأة ، فزنيا فلما فرغا رآهما إنسان فقتلاه ، قال الربيع بن أنس : وسجدا للصنم ، فمسخ الله الزهرة كوكباً - وقال بعضهم : جاءتهما امرأة من أحسن الناس تخاصم زوجها فقال أحدهما للآخر : هل سقط في نفسك مثل الذي سقط في نفسي ( من حب هذه ) ؟ قال : نعم فقال : وهل لك أن تقضي لها على زوجها بما تقول ؟ فقال له صاحبه : أما تعلم ما عند الله من العقوبة والعذاب ؟ فقال له صاحبه : أما تعلم ما عند الله من العفو والرحمة فسألاها نفسها ، فقالت : لا إلا أن تقتلاه فقال أحدهما : أما تعلم ما عند الله من العقوبة والعذاب ؟ فقال صاحبه : أمَا تعلم ما عند الله من العفو والرحمة فقتلاه ثم سألاها نفسها ، فقالت : لا ، إن لي صنماً أعبده ، إن انتما صليتما معي له : فَعَلْتُ ، فقال أحدهما لصاحبه مثل القول الأول ، فقال صاحبه مثله ، فصليا معها له فمسخت شهاباً . قال ابن أبي طالب رضي الله عنه والكلبي والسدي : إنها قالت لهما حين سألاها نفسها : لن تدركاني حتى تخبراني بالذي تصعدان به إلى السماء فقالا : باسم الله الأكبر ، قالت : فما أنتم تدركاني حتى تعلمانيه ، فقال أحدهما لصاحبه : علمها فقال : إني أخاف الله رب العالمين ، قال الآخر : فأين رحمة الله تعالىٰ ؟ فعلماها ذلك فتكلمت به ، فصعدت إلى السماء فمسخها الله كوكباً ، فذهب بعضهم إلى أنها هي الزهرة بعينها وأنكر الآخرون هذا وقالوا : إن الزهرة من الكواكب السبعة السيارة التي أقسم الله بها فقال : { فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ ٱلجَوَارِ ٱلكُنَّسِ } [ التكوير : 15 - 16 ] والتي فتنت هاروت وماروت امرأة كانت تسمى الزهرة لجمالها فلما بغت مسخها الله تعالىٰ شهاباً ، قالوا : فلما أمسى هاروت ومارت بعدما قارفا الذنب همَّا بالصعود إلى السماء فلم تطاوعهما أجنحتهما ، فعلما ما حل بهما ( من الغضب ) فقصدا إدريس النبي عليه السلام ، فأخبراه بأمرهما وسألاه أن يشفع لهما إلى الله عز وجل ، وقالا له : إنا رأيناك يصعد لك من العبادات مثل ما يصعد لجميع أهل الأرض فاستشفع لنا ، إلى ربك ففعل ذلك إدريس عليه السلام فخيرهما الله بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا إذ علما أنه ينقطع فهما ببابل يعذبان . واختلفوا في كيفية عذابهما فقال عبد الله بن مسعود : هما معلقان بشعورهما إلى قيام الساعة ، وقال عطاء بن أبي رباح : رؤوسهما مصوبة تحت أَجنحتهما ، وقال قتادة ( كبِّلا ) من أقدامهما إلى أصول أفخاذهما ، وقال مجاهد : جعلا في جب مُلِئت ناراً ، وقال عمر بن سعد : منكوسان يُضربان بسياط الحديد . وروي أن رجلاً قصد هاروت وماروت لتعلم السحر فوجدهما معلقين بأرجلهما ، مزرقة أعينهما ، مسودة جلودهما ، ليس بين ألسنتهما وبين الماء إلا أربع أصابع وهما يعذبان بالعطش ، فلما رأى ذلك هاله مكانهما فقال : لا إلٰه إلا الله ، فلما سمعا كلامه قالا له : من أنت ؟ قال : رجل من الناس ، قالا : من أي أمة أنت ؟ قال : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قالا : أو قد بعث محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم قالا : الحمد لله ، وأظهرا الاستبشار فقال الرجل : ومِمَّ استبشاركما ؟ قال : إنه نبي الساعة وقد دنا انقضاء عذابنا . قوله تعالى : { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ } أَيْ أحداً ، و « من » صلة { حَتَّىٰ } ينصحاه أولاً { يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ } ابتلاء ومحنة { فَلاَ تَكْفُرْ } أي فلا تتعلم السحر فتعمل به فتكفر ، وأصل الفتنة : الاختبار والامتحان ، من قولهم : فَتَنْتُ الذهب والفضة إذ أذبتهما بالنار ، ليتميز الجيد من الرديء ، وإنما وحَّد الفتنة وهما اثنان ، لأن الفتنة مصدر ، والمصادر لا تثنى ولا تجمع ، وقيل : إنهما يقولان « إنما نحن فتنة فلا تكفر » سبع مرات . قال عطاء والسدي : فإن أبى إلا التعلم قالا له : ائت هذا الرماد ( وأقبل عليه ) فيخرج منه نور ساطع في السماء فذلك نور المعرفة ، وينزل شيء أسود شبه الدخان حتى يدخل مسامعه وذلك غضب الله تعالىٰ ، قال مجاهد : إن هاروت وماروت لا يصل إليهما أحد ويختلف فيما بينهما شيطان في كل مسألة اختلافة واحدة ، { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } وهو أن يؤخِّذ كل واحد عن صاحبه ، ويُبَغِّضَ كل واحد إلى صاحبه قال الله تعالىٰ : { وَمَا هُم } قيل أي : السحرة وقيل : الشياطين { بِضَآرِّينَ بِهِ } أي بالسحر { مِنْ أَحَدٍ } أي أحداً ، { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي : بعلمه وتكوينه ، فالساحر يسحر والله يُكَوِّن . قال سفيان الثوري : معناه إلا بقضائه وقدرته ومشيئته { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ } يعني : أن السحر يضرهم { وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ } يعني اليهود { لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ } أي اختار السحر { مَا لَهُ فِى ٱلأَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } أي في الجنة من نصيب { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ } باعوا به { أَنفُسَهُمْ } حظَّ أنفسهم ، حيث اختاروا السحر والكفر على الدين والحق { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } فإن قيل : أليس قد قال « ولقد علموا لمن اشتراه » فما معنى قوله تعالى « لو كانوا يعلمون » بعدما أخبر أنهم علموا ؟ قيل : أراد بقوله : « ولقد علموا » يعني الشياطين وقوله : « لو كانوا يعلمون » يعني اليهود وقيل : كلاهما في اليهود يعني : لكنهم لما لم يعملوا بما علموا فكأنهم لم يعلموا { وَلَوْ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { وٱتَّقَوْاْ } اليهودية والسحر { لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ } لكان ثواب الله إياهم خيراً لهم { لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } .