Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 21-24)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالىٰ : { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } قال ابن عباس رضي الله عنهما : ياأيها الناس خطاب أهل مكة ، وياأيها الذين آمنوا خطاب أهل المدينة وهو هاهنا عام إلا من حيث أنه لا يدخله الصغار والمجانين . { ٱعْبُدُواْ } وحِّدوا . قال ابن عباس رضي الله عنهما : كل ما ورد في القرآن من العبادة فمعناها التوحيد { رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ } الخلق : اختراع الشيء على غير مثال سبق { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } أي وخلق الذين من قبلكم . { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } لكي تنجوا من العذاب ، وقيل معناه كونوا على رجاء التقوى بأن تصيروا في ستر ووقاية من عذاب الله ، وحكم الله من ورائكم يفعل ما يشاء كما قال : { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } [ طه : 44 ] أي ادعواه إلى الحق وكُونا على رجاء التذكر ، وحكم الله من ورائه يفعل ما يشاء ، قال سيبويه : لعل وعسى حرفا ترج وهما من الله واجب . { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً } أي بساطاً وقيل مناماً وقيل وطاء أي : ذللها ولم يجعلها حزنة لا يمكن القرار عليها قال البخاري : حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل " عن عبد الله رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي ذنب أعظم عند الله ؟ قال « أن تجعل لله نداً وهو خلقك » قلت : إن ذلك عظيم . ثم أيُّ ؟ قال : « أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك » . قلت : ثم أيُّ قال : « أن تزاني حليلة جارك » " والجعل هٰهنا بمعنى : الخلق { وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءً } وسقفاً مرفوعاً . { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ } أي من السحاب { مَآءً } وهو المطر { فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ } من ألوان الثمرات وأنواع النبات { رِزْقاً لَّكُمْ } طعاماً لكم وعلفاً لدوابكم { فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً } أي أمثالاً تعبدونهم كعبادة الله . قال أبو عبيدة : الندُّ الضد وهو من الأضداد والله تعالىٰ بريء من المثل والضد . { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنه واحد خلق هذه الأشياء . { وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ } ، أي وإن كنتم في شك ، لأن الله تعالىٰ علم أنهم شاكُّون { مِّمَّا نَزَّلْنَا } يعني : القرآن ، { عَلَىٰ عَبْدِنَا } محمد { فَأْتُواْ } أمر تعجيز { بِسُورَةٍ } والسورة قطعة من القرآن معلومة الأول والآخر من أسأرت أي أفضلت ، حذفت الهمزة ، وقيل : السورة اسم للمنزلة الرفيعة ومنه سور البناء لارتفاعه ، سميت سورة لأن القارىء ينال بقراءتها منزلة رفيعة حتى يستكمل المنازل باستكماله سور القرآن { مِّن مِّثْلِهِ } أي مثل القرآن « من » : صلة ، كقوله تعالىٰ : { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ } [ النور : 30 ] ، وقيل : الهاء في مثله راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم يعني : من مثل محمد صلى الله عليه وسلم أمي لا يحسن الخط والكتابة قال محمود هاهنا من مثله دون سائر السور ، لأن من للتبعيض وهذه السورة أول القرآن بعد الفاتحة فأدخل من ليعلم أن التحدي واقع على جميع سور القرآن ، ولو أدخل من في سائر السور كان التحدي واقعاً على جميع سور القرآن ، ولو أدخل في سائر السور كان التحدي واقعاً على بعض السور . { وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم } أي واستعينوا بآلهتكم التي تعبدونها { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } وقال مجاهد : ناساً يشهدون لكم { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } أن محمداً صلى الله عليه وسلم يقوله من تلقاء نفسه فلما تحداهم عجزوا فقال : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ } ، فيما مضى { وَلَن تَفْعَلُواْ } أبداً فيما بقي . وإنما قال ذلك لبيان الإِعجاز وأن القرآن كان معجزة النبي صلى الله عليه وسلم حيث عجزوا عن الإِتيان بمثله . { فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ } أي فآمنوا واتقوا بالإِيمان النار . { ٱلَّتِى وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ } ، قال ابن عباس وأكثر المفسرين يعني حجارة الكبريت لأنها أكثر التهاباً ، وقيل : جميع الحجارة وهو دليل على عظمة تلك النار وقيل : أراد بها الأصنام لأن أكثر أصنامهم كانت منحوتة من الحجارة كما قال : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] { أُعِدَّتْ } هيئت { لِلْكَـٰفِرِينَ } .