Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 258-258)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالىٰ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ } معناه هل انتهى إليك يا محمد خبر الذي حاج إبراهيم أي خاصم وجادل ، وهو نمرود وهو أول من وضع التاج على رأسه ، وتجبر في الأرض وادعى الربوبية ؟ { أَنْ آتَـٰهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ } أي لأن آتاه الله الملك فطغى أي كانت تلك المحاجة من بطر الملك وطغيانه ، قال مجاهد : ملك الأرض أربعة ، مؤمنان وكافران فأما المؤمنان فسليمان وذو القرنين ، وأما الكافران فنمرود وبختنصر . واختلفوا في وقت هذه المناظرة ، قال مقاتل : لما كسر إبراهيم الأصنام سجنه نمرود ثم أخرجه ليحرقه بالنار فقال له : من ربك الذي تدعونا إليه ؟ فقال : ربي الذي يحيى ويميت ، وقال آخرون : كان هذا بعد إلقائه في النار ، وذلك أن الناس قحطوا على عهد نمرود وكان الناس يمتارون من عنده الطعام ، فكان إذا أتاه الرجل في طلب الطعام سأله من ربك ؟ فإن قال أنت ، باع منه الطعام ، فأتاه إبراهيم فيمن أتاه فقال له نمرود : من ربك ؟ قال : ربي الذي يحيى ويميت ، فاشتغل بالمحاجة ولم يعطه شيئاً فرجع إبراهيم فمر على كثيب من رمل أعفر فأخذ منه تطييباً لقلوب أهله إذا دخل عليهم ، فلما أتى أهله ووضع متاعه نام ، فقامت أمرأته إلى متاعه ففتحته فإذا هو أجود طعام ما رآه أحد ، فأخذت فصنعت له منه فقربته إليه فقال : من أين هذا ؟ قالت من الطعام الذي جئت به فعرف أن الله رزقه ، فحمد الله . قال الله تعالىٰ : { إِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِى يُحْيِى وَيُمِيتُ } وهذا جواب سؤال غير مذكور تقديره قال له : من ربك ؟ فقال إبراهيم { رَبِّيَ ٱلَّذِى يُحْيِى وَيُمِيتُ } قرأ حمزة { ربي الذي يحيي ويميت } بإسكان الياء وكذلك { حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَٰحِشَ } [ الأعراف : 33 ] و { عَنْ ءَايَـٰتِيَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ } [ الأعراف : 146 ] و { قُل لِّعِبَادِىَ الَّذِينَ } [ إبراهيم : 31 ] و { ءَاتَانِىَ ٱلْكِتَـٰبَ } [ مريم : 30 ] و { مَسَّنِىَ ٱلضُّرُّ } [ الأنبياء : 83 ] و { عِبَادِىَ ٱلصَّـٰلِحُونَ } [ الأنبياء : 105 ] و { عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } [ سبأ : 13 ] و { مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ } [ ص : 41 ] و { إِنْ أَرَادَنِىَ ٱللَّهُ } [ الزمر : 38 ] و { إِنْ أَهْلَكَنِىَ اللهُ } [ الملك : 28 ] أسكن الياء فيهن حمزة ، ووافق ابن عامر والكسائي في « لعبادي الذين آمنوا » وابن عامر « آياتي الذين » وفتحها الآخرون ، { قَالَ } نمرود { أَنَا أُحْيىِ وَأُمِيتُ } . قرأ أهل المدينة ( أنا ) بإثبات الألف والمد في الوصل إذا تلتها ألف مفتوحة أو مضمومة والباقون بحذف الألف ، ووقفوا جميعاً بالألف ، قال أكثر المفسرين : دعا نمرود برجلين فقتل أحدهما واستحيا الآخر فجعل ترك القتل إحياء له ، فانتقل إبراهيم إلى حجة أخرى ، لا عجزاً ، فإن حجته كانت لازمة لأنه أراد بالإحياء إحياء الميت فكان له أن يقول فأحي من أمتَّ إن كنت صادقاً فانتقل إلى حجة أخرى أوضح من الأولى . { قَالَ إِبْرَٰهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِى بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ } أي تحير ودهش وانقطعت حجته . فإن قيل : كيف بهت وكان يمكنه أن يعارض إبراهيم فيقول له : سل أنت ربك حتى يأتي بها من المغرب قيل : إنما لم يقله لأنه خاف أن لو سأل ذلك دعا إبراهيم ربه فكان زيادة في فضيحته وانقطاعه ، والصحيح أن الله صرفه عن تلك المعارضة إظهاراً للحجة عليه أو معجزة لإِبراهيم عليه السلام { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } .