Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 31-33)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالىٰ : { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا } سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض ، وقيل : لأنه كان آدم اللون وكنيته أبو محمد وأبو البشر فلما خلقه الله تعالى علمه أسماء الأشياء وذلك أن الملائكة قالوا : لما قال الله تعالىٰ : { إِنِّي جَاعِلٌ فِى ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً } : ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقاً أكرم عليه منَّا وإن كان فنحن أعلم منه لأنا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره . فأظهر الله تعالىٰ فضله عليهم بالعلم وفيه دليل على أن الأنبياء أفضل من الملائكة وإن كانوا رسلاً كما ذهب إليه أهل السنة والجماعة قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : علَّمه اسم كل شيء حتى القصعة والقصيعة وقيل : اسم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة . وقال الربيع بن أنس : أسماء الملائكة وقيل : أسماء ذريته ، وقيل : صنعة كل شيء قال أهل التأويل : إن الله عز وجل علم آدم جميع اللغات ثم تكلم كل واحد من أولاده بلغة فتفرقوا في البلاد واختص كل فرقة منهم بلغة . { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَـٰئِكَةِ } إنما قال : عرضهم ولم يقل عرضها لأن المسميات إذا جمعت من يعقل ومن لا يعقل يكنى عنها بلفظ من يعقل كما يكنى عن الذكور والإِناث بلفْظ الذكور وقال مقاتل : خلق الله كل شيء الحيوان والجماد ثم عرض تلك الشخوص على الملائكة فالكناية راجعة إلى الشخوص فلذلك قال عرضهم ، { فَقَالَ أَنبِئُونِى } أخبروني { بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاَۤءِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في أني لا أخلق خلقاً إلاّ كنتم أفضل وأعلم منه فقالت الملائكة إقراراً بالعجز : { قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ } تنزيهاً لك { لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ } معناه فإنك أجل من أن نحيط بشيء من علمك إلا ما علمتنا { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَلِيمُ } بخلقك { الْحَكِيمُ } في أمرك والحكيم له معنيان : أحدهما الحاكم وهو القاضي العدل والثاني المحكم للأمر كي لا يتطرق إليه الفساد وأصل الحكمة في اللغة : المنع فهي تمنع صاحبها من الباطل ومنه حكَمَةُ الدابة لأنها تمنعها من الاعوجاج فلما ظهر عجزهم { قَالَ } الله تعالى : { يا آدَمُ أَنْبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ } أخبرهم بأسمائهم فسمى آدم كل شيء باسمه وذكر الحكمة التي لأجلها خلق { فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِم قَالَ } الله تعالى { أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ } يا ملائكتي { إِنِّيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ما كان منهما وما يكون لأنه قد قال لهم : { إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 30 ] { وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } قال الحسن وقتادة : يعني قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها { وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } قولكم لن يخلق الله خلقاً أكرم عليه منا ، قال ابن عباس رضي الله عنهما هو إن إبليس مر على جسد آدم وهو ملقى بين مكة والطائف لا روح فيه فقال : لأمر ما خلق هذا ثم دخل في فيه وخرج من دبره وقال : إنه خلق لا يتماسك لأنه أجوف ثم قال للملائكة الذين معه أرأيتم إن فضل هذا عليكم وأمرتم بطاعته ماذا تصنعون ؟ قالوا : نطيع أمر ربنا ، فقال إبليس في نفسه : والله لئن سلطت عليه لأهلكنَّه ولئن سلط علي لأعصينه فقال الله تعالىٰ : { وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } يعني ما تبديه الملائكة من الطاعة { وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } يعني إبليس من المعصية .