Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 41-44)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ : { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى } ، أي اخترتك واصطفيتك لوحيي ورسالتي ، يعني لتنصرف على إرادتي ومحبتي ؛ وذلك أن قيامه بأداء الرسالة تصرف على إرادة الله ومحبته . قال الزجاج : اخترتك لأمري وجعلتك القائم بحجتي والمخاطب بيني وبين خلقي ، كأني الذي أقمت بك عليهم الحجة وخاطبتهم . { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـآيَـٰتِى } ، بدلائلي ، وقال ابن عباس : يعني الآيات التسع التي بعث بها موسى { وَلاَ تَنِيَا } ، ولا تضعفا ، وقال السدي : لا تَفْتُرا . وقال محمد بن كعب : لا تقصرَا ، { فِى ذِكْرِى } . { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } ، قرأ أبو عمرو ، وأهل الحجاز : " لنفسيَ اذهب " ، " وذكريَ اذهبا " ، و { إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ } [ الفرقان : 30 ] ، { مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ } [ الصف : 6 ] بفتح الياء فيهن ، ووافقهم أبو بكر : " من بعدي اسمه " ، وقرأ الباقون بإسكانها . { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً } ، يقول : دارياه وارفقا معه ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا تعنفا في قولكما . وقال السدي وعكرمة : كنِّياه فقولا يا أبا العباس ، وقيل : يا أبا الوليد . وقال مقاتل : يعني بالقول اللين : { هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } [ النازعات : 18 - 19 ] . وقيل : أمر باللطافة في القول لما له من حق التربية . وقال السدي : القول الليَّن : أن موسى أتاه ووعده على قبول الإِيمان شباباً لا يهرم ، وملكاً لا ينزع منه إلا بالموت ، وتبقى عليه لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته ، وإذا مات دخل الجنة فأعجبه ذلك وكان لا يقطع أمراً دون هامان ، وكان غائباً فلما قدم أخبره بالذي دعاه إليه موسى ، وقال أردت أن أقبل منه ، فقال له هامان : كنت أرى أن لك عقلاً ورأياً ، أنت ربٌّ ، تريد أن تكون مربوباً ؟ وأنت تُعْبَدُ ؟ تريد أن تَعْبُدَ ، فقلبه على رأيه . وكان هارون يومئذٍ بمصر ، فأمر الله موسى أن يأتي هارون وأوحىٰ إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى ، فتلقاه إلى مرحلةٍ وأخبره بما أوحى إليه . { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } ، أي : يتعظ ويخاف فيسلم . فإن قيل : كيف قال : { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ } وقد سبق عِلْمُه أنه لا يتذكر ولا يسلم ؟ . قيل : معناه اذهبا على رجاءٍ منكما وطمع ، وقضاءُ الله وراء أمركما . وقال الحسين بن الفضل : هو ينصرف إلى غير فرعون ، مجازه : لعله يتذكر متذكِّرٌ ، ويخشى خاشٍ إذا رأى بِرِّي وألطافي بِمَنْ خلقتُه وأنعمت عليه ثم ادعى الربوبية . وقال أبو بكر محمد بن عمر الوراق : { لعلّ } من الله واجب ، ولقد تذكر فرعون وخشى حين لم تنفعه الذكرى والخشية ، وذلك حين ألجمه الغرق ، قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ، وأنا من المسلمين . وقرأ رجل عند يحيـى بن معاذ هذه الآية : { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً } ، فبكى يحيى ، وقال : إلهي هذا رفقك بمن يقول أنا الإِله ، فكيف رفقك بمن يقول أنت الإِله ؟ !