Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 79-79)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { فَفَهَّمْنَـٰهَا سُلَيْمَـٰنَ } ، أي علمناه القضية وألهمناها سليمان ، { وَكُلاًّ } ، يعني داود وسليمان ، { ءَاتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً } ، قال الحسن : لولا هذه الآية لرأيت الحكام قد هلكوا ولكن الله حمد هذا بصَوَابِه وأثنى على هذا باجتهاده . واختلف العلماء في أن حكم داود كان بالاجتهاد أم بالنص ، وكذلك حكم سليمان . فقال بعضهم : فعلاً بالاجتهاد . وقالوا يجوز الاجتهاد للأنبياء ليدركوا ثواب المجتهدين ، إلاَّ أن داود أخطأ وأصاب سليمان . وقالوا : يجوز الخطأ على الأنبياء إلاَّ أنهم لا يقرون عليه ، فأما العلماء فلهم الاجتهاد في الحوادث إذا لم يجدوا فيها نص كتاب أو سنة ، وإذا أخطأوا فلا إثم عليهم ، فإنه موضوع عنهم ، لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا عبد العزيز بن محمد ، عن يزيد بن عبد الله بن الهادي ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن بشر ابن سعيد ، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص ، عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر " . وقال قوم : إن داود وسليمان حكما بالوحي ، وكان حكم سليمان ناسخاً لحكم داود ، وهذا القائل يقول : لا يجوز للأنبياء الحكم بالاجتهاد لأنهم مستغنون عن الاجتهاد بالوحي ، وقالوا : لا يجوز الخطأ على الأنبياء ، واحتج من ذهب إلى أن كل مجتهد مصيب بظاهر الآية وبالخبر حيث وعد الثواب للمجتهد على الخطأ ، وهو قول أصحاب الرأي ، وذهب جماعة إلى أنه ليس كل مجتهد مصيباً بل إذا اختلف اجتهاد مجتهدين في حادثة كان الحق مع واحد لا بعينه ، ولو كان كل واحد مصيباً لم يكن للتقسيم معنى . وقوله عليه السلام : " إذا اجتهد فأخطأ فله أجر " ، لم يُرِدْ به أنه يؤجر على الخطأ بل يؤجر على اجتهاده في طلب الحق لأن اجتهاده عبادة ، والإِثم في الخطأ عنه موضوع إذ لم يألُ جهده . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن الأعرج أنه سمع أبا هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كانت امرأتان معهما ابناهما فجاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت صاحبتها : إنما ذهب بابنك ، وقالت الأخرى : إنما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى ، فخرجتا على سليمان وأخبرتاه فقال : ائتوني بالسكين أشقه بينهما ، فقالت الصغرى : لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى " . قوله عز وجل : { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ } ، أي وسخرنا الجبال والطير يسبحن مع داود إذا سبح ، قال ابن عباس : كان يفهم تسبيح الحجر والشجر . قال وهب : كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح وكذلك الطير . وقال قتادة : يسبحن أي يصلين معه إذا صلى . وقيل : كان داود إذا فتر يُسمعه الله تسبيح الجبال والطير لينشط في التسبيح ويشتاق إليه . { وَكُنَّا فَـٰعِلِينَ } ، يعني : ما ذكر من التفهيم وإيتاء الحكم والتسخير .