Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 9-11)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثَانِىَ عِطْفِهِ } أي : متبختراً لتكبُّره . وقال مجاهد ، وقتادة : لاوِي عنقه . قال عطية ، وابن زيد : معرضاً عمّا يدعىٰ إليه تكبراً . قال ابن جريج : يعرض عن الحق تكبراً . والعِطفْ : الجانب ، وعِطْفا الرجل : جانباه عن يمين وشمال وهو الموضع الذي يعطفه الإِنسان أي يلويه ويميله عند الإِعراض عن الشيء ، نظيره قوله تعالى : { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَـٰتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً } [ لقمان : 7 ] ، وقال تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } [ المنافقون : 5 ] . { لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، عن دين الله ، { لَهُ فِى ٱلدُّنْيَا خِزْىٌ } ، عذاب وهوان ، وهو القتل ببدر ، فقتل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي مُعيط يوم بدر صبراً . { وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } . ويقال له : { ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } ، فيعذبهم بغير ذنب وهو جل ذكره على أيّ وجه شاء تصرف في عبده ، فحكمه عدل وهو غير ظالم . قوله عز وجل : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ } ، الآية نزلت في قوم من الأعراب كانوا يقدمون المدينة مهاجرين من باديتهم فكان أحدهم إذا قدم المدينة فصحَّ بها جسمه ونُتِجَتْ بها فرسه مهراً حسناً وولدت امرأته غلاماً وكثر مالهُ ، قال : هذا دينٌ حسنٌ وقد أصبت فيه خيراً واطمأَن إليه ، وإن أصابه مرض وولدت امرأته جارية وأجهضت رماكه وقلَّ مالُه ، قال : ما أصبت منذ دخلت في هذا الدين إلا شراً فينقلب عن دينه ، وذلك الفتنة فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ } ، أكثر المفسرين قالوا : على شك وأصله من حَرْف الشيء وهو طرفه ، نحو حرف الجبل والحائط الذي كالقائم عليه غير مستقر ، فقيل للشاكِّ في الدين إنه يعبد الله على حرف لأنه على طرف وجانب من الدين لم يدخل فيه على الثبات والتمكن وأصله كالقائم على حرف الجبل مضطرب غير مستقر ، يعرض أن يقع في أحد جانبي الطرف لضعف قيامه ، ولو عبدوا الله في الشكر على السراء والصبر على الضراء لم يكونوا على حرف ، قال الحسن : هو المنافق يعبده بلسانه دون قلبه { فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ } ، صحةٌ في جسمه ، وسعةٌ في معيشته ، { ٱطْمَأَنَّ بِهِ } ، أي : رضي وسكن إليه ، { وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } ، بلاء في جسده ، وضيق في معيشته ، { ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ } ، ارتد ورجع على عقبه إلى الوجه الذي كان عليه من الكفر ، { خَسِرَ ٱلدُّنْيَا } ، يعني هذا الشاك خسر الدنيا بفوات ما كان يؤمل ، { وَٱلأَخِرَةَ } ، بذهاب الدين والخلود في النار . قرأ يعقوب { خاسر } بالألف { وَٱلأَخِرَةَ } جَرٌّ . { ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } ، الظاهر .