Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 1-2)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سُورَةٌ } ، أي : هذه سورة ، { أَنزَلْنَـٰهَا وَفَرَضْنَـٰهَا } ، قرأ ابن كثير وأبو عمروٍ « وفرَّضناها » بتشديد الراء ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، أي : أوجبنا ما فيها من الأحكام وألزمناكم العمل بها . وقيل : معناه قدرنا ما فيها من الحدود ، والفرض : التقدير ، قال الله عزّ وجلّ : { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } [ البقرة : 237 ] أي : قدرتم ، ودليل التخفيف قوله عزّ وجلّ : { إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ } [ القصص : 85 ] ، وأما التشديد فمعناه : و فصلناه وبيناه . وقيل : هو بمعنى الفرض الذي هو بمعنى الإِيجاب أيضاً ، والتشديد للتكثير لكثرة ما فيها من الفرائض ، أي : أوجبناها عليكم وعلى من بعدكم إلى قيام الساعة . { وَأَنزَلْنَا فِيهَآ ءَايَـٰتٍ بَيِّنَـٰتٍ } ، واضحات ، { لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ، تتعظون . قوله عزّ وجلّ : { ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ } أراد إذا كانا حرين بالغين عاقلين بكرين غير محصنين " فاجلدوا " : فاضربوا كل واحد منهما مائة جلدة ، يقال جلده إذا ضربَ جِلْدَه ، كما يقال رأسَه وبطَنَه ، إذا ضرب رأسه وبطنه ، وذكر بلفظ الجلد لئلا يبرح ولا يضرب بحيث يبلغ اللحم ، وقد وردت السنة أنه يجلد مائة ويغرب عاماً وهو قول أكثرأهل العلم ، وإن كان الزاني محصناً فعليه الرجم ، ذكرناه في سورة النساء . { وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ } ، رحمة ورقة ، وقرأ ابن كثير « رأَفة » بفتح الهمزة ولم يختلفوا في سورة الحديد أنها ساكنة لمجاورة قوله ورحمة ، والرأفة معنى في القلب ، لا ينهى عنه لأنه لا يكون باختيار الإِنسان . روي أن عبد الله بن عمر جلد جارية له زنت ، فقال للجلاد : اضرب ظهرها ورجليها ، فقال له ابنه : لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ، فقال : يا بنيّ إن الله عزّ وجلّ لم يأمرني بقتلها وقد ضُربت فأوجعت . واختلفوا في معنى الآية ، فقال قوم : لا تأخذكم بهما رأفة فتعطلوا الحدود ولا تقيموها ، وهذا قول مجاهد وعكرمة وعطاء وسعيد بن جبير والنخعي والشعبي . وقال جماعة : معناها ولا تأخذكم بهما رأفة فتخففوا الضرب ولكن أوجعوهما ضرباً ، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن ، قال الزهري : يجتهد في حد الزنا والفرية ويخفف في حد الشرب . وقال قتادة : يجتهد في حد الزنا ويخفف في الشرب والفرية . { فِى دِينِ ٱللَّهِ } ، أي : في حكم الله , { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ } ، معناه أن المؤمن لا تأخذه الرأفةُ إذا جاء أمر الله تعالى . { وَلْيَشْهَدْ } ، وليحضر ، { عَذَابَهُمَا } حدَّهما إذا أقيم عليهما { طَآئِفَةٌ } ، نفر ، { مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، قال مجاهد والنخعي : أقله رجل واحد فما فوقه وقال عكرمة وعطاء رجلان فصاعداً . وقال الزهري وقتادة : ثلاثة فصاعداً . وقال مالك وابن زيد : أربعة بعدد شهود الزنا .