Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 82-85)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ } ، صار أولئك الذين تمنوا ما رزقه الله من المال والزينة يتندمون على ذلك التمني ، والعرب تعبر عن الصيرورة بأضحى وأمسى وأصبح تقول : أصبح فلان عالماً وأضحى معدماً وأمسى حزيناً ، { يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ } ، اختلفوا في معنى هذه اللفظة ، قال مجاهد : ألم تعلم ، وقال قتادة : ألم ترَ . قال الفراء : هي كلمة تقرير كقول الرجل أما ترى إلى صنع الله وإحسانه . وذكر أنه أخبره من سمع أعرابية تقول لزوجها : أين ابنك ؟ فقال : ويكأنه وراء البيت ، يعني أما ترينه وراء البيت . وعن الحسن : أنه كلمة ابتداء تقديره : أن الله يبسط الرزق . وقيل : هو تنبيه بمنزلة ألا وقال قطرب : " ويك " بمعنى ويلك ، حذفت منه اللام ، كما قال عنترة : @ وَلَقَدْ شَفَى نَفْسِي وأَبْرَأَ سُقْمَهَا قَوْلُ الفَوَارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْدِمِ @@ أي : ويلك ، و " إن " منصوب بإضمار اعلم أن الله ، وقال الخليل : " وي " مفصولة من " كأن " ومعناها التعجب كما تقول : وي لم فعلت ذلك ! وذلك أن القوم تندموا فقالوا : وي ! متندمين على ما سلف منهم وكأن معناه أظن ذلك وأقدره ، كما تقول كأن : الفرج قد أتاك أي : أظن ذلك وأقدره ، { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ } ، أي : يوسع ويضيق ، { لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا } ، قرأ حفص ، ويعقوب : بفتح الخاء والسين ، وقرأ العامة بضم الخاء وكسر السين ، { وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَـٰفِرُونَ } . قوله تعالى : { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلأَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى ٱلأَرْضِ } ، قال الكلبي ومقاتل : استكباراً عن الإِيمان ، وقال عطاء : " علواً " استطالةً على الناس وتهاوناً بهم . وقال الحسن : لم يطلبوا الشرف والعز عند ذي سلطان . وعن علي رضي الله عنه : أنها نزلت في أهل التواضع من الولاة وأهل المقدرة ، { وَلاَ فَسَاداً } قال الكلبي : هو الدعاء إلى عبادة غير الله . وقال عكرمة : أخذ أموال الناس بغير حق . وقال ابن جريج ومقاتل : العمل بالمعاصي . { وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } ، أي : العاقبة المحمودة لمن اتقى عقاب الله بأداء أوامره واجتناب معاصيه . وقال قتادة : الجنة للمتقين . قوله تعالى : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ } ، أي أنزل عليك القرآن على قول أكثر المفسرين ، وقال عطاء : أوجب عليك العمل بالقرآن ، { لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } ، إلى مكة ، وهو رواية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو قول مجاهد ، قال القتيبي : معاد الرجل : بلده ، لأنه ينصرف ثم يعود إلى بلده ، وذلك . أن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا خرج من الغار مهاجراً إلى المدينة سار في غير الطريق مخافة الطلب ، فلما أمن ورجع إلى الطريق نزل الجحفة بين مكة والمدينة ، وعرف الطريق إلى مكة اشتاق إليها ، فأتاه جبريل عليه السلام وقال : أتشتاق إلى بلدك ومولدك ؟ قال : نعم ، قال : فإن الله تعالى يقول : { إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } ، وهذه الآية نزلت بالجحفة ليست بمكية ولا مدنية . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : " لرادّك إلى معاد " إلى الموت . وقال الزهري وعكرمة : إلى القيامة . وقيل : إلى الجنة . { قُل رَّبِّىۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ } ، أي : يعلم من جاء بالهدى ، وهذا جواب لكفار مكة لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنك لفي ضلال ، فقال الله عزّ وجلّ : قل لهم ربي أعلم من جاء بالهدى ، يعني نفسه ، { وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } ، يعني المشركين ومعناه أعلم بالفريقين .