Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 44-45)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ : { خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } ، أي : للحق وإظهار الحق ، { إِنَّ فِى ذٰلِكَ } ، في خلقها ، { لآيَةً } ، لدلالة { لِّلْمُؤْمِنِينَ } ، على قدرته وتوحيده . { ٱتْلُ مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } ، يعني القرآن ، { وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } ، الفحشاء : ما قبح من الأعمال والمنكر : ما لا يعرف في الشرع . قال ابن مسعود ، وابن عباس : في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله ، فمن لم تأمره صلاته بالمعروف ولم تنهه عن المنكر ، لم يزدد بصلاته من الله إلا بعداً . وقال الحسن ، وقتادة : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فصلاته وبال عليه . وروي عن أنس قال : " كان فتًى من الأنصار يصلي الصلوات الخمس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يدع شيئاً من الفواحش إلا ركبه ، فوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاله فقال : « إن صلاته تنهاه يوماً » " فلم يلبث أن تاب وحسن حاله . وقال ابن عون : معنى الآية أن الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ما دام فيها . وقيل : أراد بالصلاة القرآن ، كما قال تعالى : { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } [ الإسراء : 110 ] أي : بقراءتك ، أراد أنه يقرأ القرآن في الصلاة ، فالقرآن ينهاه عن الفحشاء والمنكر . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، أخبرنا علي بن الجعد ، أخبرنا قيس بن الربيع ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : " إن رجلاً يقرأ القرآن الليل كله فإذا أصبح سرق ، قال : « ستنهاه قراءته » " . وفي رواية قيل : " يا رسول الله إن فلاناً يصلي بالنهار ويسرق بالليل ، فقال : إن صلاته لتردعه " . قوله عزّ وجلّ : { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } ، أي ذكر الله أفضل الطاعات . أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ببغداد ، أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البَرْدعي ، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، أخبرنا هارون بن معروف أبو علي الضرير ، أخبرنا أنس بن عياض ، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن زياد بن أبي زياد مولى عبدالله بن عياش ، عن أبي تجرِيّة ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " « ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخيرٌ لكم من إعطاء الذهب والوَرِق وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم » ؟ قالوا : وما ذاك ( يا رسول الله ) قال : « ذكر الله » " . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا أبو الأسود ، أخبرنا ابن لهيعة عن دراج ، عن أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله ( أنه ) " سئل أيّ العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة ؟ قال : « الذاكرون لله كثيراً » ، فقالوا : يا رسول الله و ( من ) الغازي في سبيل الله ؟ قال : « لو ضرب بسيفه الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دماً لكان الذاكر لله كثيراً أفضل منه درجة » " . وروينا " أن أعرابياً قال : يا رسول الله أي الأعمال أفضل ؟ قال : « أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله " . أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد ابن عيسى الجلودي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أخبرنا مسلم بن الحجاج القشيري ، أخبرنا أمية بن بِسْطام العَيْشِيُّ ، أخبرنا يزيد ، يعني : ( بن زريع ) ، أخبرنا رَوْح بن القاسم ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : " كان رسول الله يسير في طريق مكة فمرّ على جبل يقال له جمدان ، فقال : « سيروا هذا جُمْدان سبق المفرِّدون » ، قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : « الذاكرون لله كثيراً والذاكرات » " . أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصَّلْت ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا خلاد بن أسلم ، حدثنا النضر ، أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت الأَغَرَّ قال : أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفَّتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده " . وقال قوم : معنى قوله : { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } أي « ذكر الله إيّاكم أفضل من ذكركم إيّاه » . ويروى ذلك عن ابن عباس ، وهو قول مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ويروى ذلك مرفوعاً عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال عطاء في قوله : { إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } ، قال : ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية . { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } ، قال عطاء : يريد لا يخفى عليه شيء .