Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 106-106)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } ، { يومَ } نصبٌ على الظرف ، أي : في يوم ، وانتصاب الظرف على التشبيه بالمفعول ، يريد : تبيض وجوه المؤمنين وتسودُّ وجوه الكافرين ، وقيل : تبيض وجوه المخلصين وتسود وجوه المنافقين . وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ هذه الآية قال تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة . قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس إذا كان يوم القيامة رُفع لكل قوم ما كانوا يعبدونه ، فيسعَى كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ، وهو قوله تعالى : { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ } [ النساء : 115 ] فإذا انتهوا إليه حزنوا فتسودُّ وجوههم من الحزن ، وبقي أهل القبلة واليهود والنصارى لم يعرفوا شيئاً مما رُفع لهم ، فيأتيهم الله فيسجد له من كان يسجد في الدنيا مطيعاً مؤمناً ويبقى أهل الكتاب والمنافقون لا يستطيعون السجود ، ثم يؤذن لهم فيرفعون رؤوسهم ووجوه المؤمنين مثل الثلج بياضاً والمنافقون وأهل الكتاب إذا نظروا إلى وجوه المؤمنين حزنُوا حُزناً شديداً فاسودتْ وجوهُهم ، فيقولون : ربنا ما لنا مسودة وجوهنا فوالله ما كنا مشركين ؟ فيقول الله للملائكة : { ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } [ الأنعام : 24 ] . قال أهل المعاني : ابيضاض الوجوه إشراقها واسْتِبْشارُها وسُرورها بعملِها وبثوابِ الله ، واسْوِدَادُها : حُزنها وكآبتها وكُسوفها بعملها وبعذاب الله ، يدل عليه قوله تعالى : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } [ يونس : 26 ] وقال تعالى : { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } [ يونس : 27 ] وقال : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } [ القيامة : 22 24 ] وقال { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } [ عبس : 38 40 ] . { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } ، معناه : يقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم ؟ { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } . فإن قيلَ : كيف قال : أكفرتم بعد إيمانكم ، وهم لم يكونوا مؤمنين ؟ حُكي عن أُبي بن كعب أنه أراد به : الإِيمان يوم الميثاق ، حين قال لهم : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى ، يقول : أكفرتم بعد إيمانكم يوم الميثاق ؟ وقال الحسن : هم المنافقون تكلموا بالإِيمان بألسنتهم ، وأنكروا بقلوبهم . وعن عكرمة : أنهم أهل الكتاب ، آمنوا بأنبيائهم وبمحمد صلّى الله عليه وسلم قبل أن يُبعث ، فلما بُعث كفروا به . وقال قوم : هم من أهل قبلتنا ، وقال أبو أُمامة : هم الخوارج ، وقال قتادة : هم أهل البدع . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا سعيد بن أبي مريم عن نافع بن عُمر حدثني ابن أبي مُلَيْكَة عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : " إني فرطكم على الحوض حتى أنظر مَنْ يردُ عليّ منكم ، وسيُؤخذ ناسٌ دُوني ، فأقول : يا رب مني ومن أمتي ، فيقال لي هلْ شعرتَ ما عملوا بعدك ؟ فوالله ما برِحُوا يرجعون على أعقابهم " .