Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 179-179)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ } ، اختلفوا فيها ، فقال الكلبي : قالت قريش : يا محمد تزعم أن من خالفكَ فهو في النار والله عليه غضبان ، وأن من اتّبعكَ على دينك فهو في الجنة ، والله عنه راضٍ ، فأخبرنا بمن يُؤمن بك وبمن لا يؤمن بك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقال السدي : " قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : « عُرضتْ عليّ أُمتي في صورها في الطين كما عُرضتْ على آدم ، وأُعلمتُ من يؤمن بي ومن يكفر بي » ، فبلغ ذلك المنافقين ، فقالوا استهزاءً : زعم محمد أنه يعلم من يؤمن به ومن يكفر ممن لم يخلق بعد ، ونحن معه وما يعرفنا ، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقام على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : « ما بال أقوام طعنُوا في علمي لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة إلا أنبأتكم به » ، فقام عبد الله بن حُذافة السهمي ، فقال : مَنْ أبي يارسول الله ؟ قال : حذافة ، فقام عمر فقال : يا رسول الله رضينا بالله ربّاً وبالإِسلام ديناً وبالقرآن إماماً وبك نبياً فاعفُ عنا عفا الله عنك ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : « فهل أنتم منتهون » ؟ ثم نزل عن المنبر " ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . واختلفوا في حكم الآية ونظمها ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما والضحاك ومقاتل والكلبي وأكثر المفسرين : الخطاب للكفار والمنافقين ، يعني : { مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ } يا معشر الكفار والمنافقين من الكفر والنفاق { حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ } . وقال قوم : الخطاب للمؤمنين الذين أخبر عنهم ، معناه : وما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المؤمن بالمنافق ، فرجع من الخبر إلى الخطاب . { حَتَّىٰ يَمِيزَ } قرأ حمزة والكسائي ويعقوب بضم الياء والتشديد وكذلك التي في الأنفال ، وقرأ الباقون بالخفيف ، يقال : ماز الشيء يميزُه ميزاً وميّزه تمييزاً إذا فرّقه فامتاز ، وإنما هو بنفسه ، قال أبو معاذ : إذا فرّقت بين شيئين ، قلت : مزت ميزاً فإذا كانت أشياء ، قلت : ميزتها تمييزاً ، وكذلك إذا جعلت الشيء الواحد شيئين قلت : فَرَقتَ بالتخفيف ، ومنه فرق الشعر ، فإن جعلته أشياء ، قلت : فرَّقته تفريقاً ، ومعنى الآية حتى يميزَ المنافق من المخلص ، فميز الله المؤمنين من المنافقين يوم أُحد حيثُ أظهروا النفاق وتخلّفوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم . وقال قتادة : حتى يميز الكافر من المؤمن بالهجرة والجهاد . وقال الضحاك : { مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ } في أصلاب الرجال وأرحام النساء يا معشر المنافقين والمشركين حتى يفرّق بينكم وبين من في أصلابكم وأرحام نسائكم من المؤمنين ، وقيل : { حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ } وهو المذنب { مِنَ ٱلطَّيِّبِ } وهو المؤمن ، يعني : حتى يحط الأوزار عن المؤمن بما يصيبه من نكبة ومحنة ومصيبة ، { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ } ، لأنه لا يعلم الغيب أحدٌ غيره ، { وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِى مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ } فيُطلعه على بعض علم الغيب ، نظيره قوله تعالى : { عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ } [ الجن : 26 27 ] . وقال السدي : معناه وما كان الله ليطلع محمداً صلّى الله عليه وسلم على الغيب ولكن الله اجتباه ، { فَـآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } .