Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 186-186)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ } الآية . قال عكرمة ومقاتل والكلبي وابن جريج : نزلت الآية في أبي بكر وفنحاص بن عازوراء ، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث أبا بكر إلى فنحاص بن عازوراء سيد بني قينقاع ليستمدّه ، وكتب إليه كتاباً وقال لأبي بكر رضي الله عنه : " لا تفتاتَنَّّ عليّ بشيء حتى ترجع " ، فجاء أبو بكر رضي الله عنه وهو متوشح بالسيف فأعطاه الكتاب ، فلما قرأه قال : قد احتاج ربُّك إلى أن نمده ، فهمّ أبو بكر رضي الله عنه أن يضربه بالسيف ، ثم ذكر قول النبي صلّى الله عليه وسلم : « لا تفتاتَنَّّ عليّ بشيء حتى ترجع » ، فكف فنزلت هذه الآية . وقال الزهري : نزلت في كعب بن الأشرف فإنه كان يهُجو رسولَ الله صلّى الله عليه وسلم ويسبّ المسلمين ، ويحرض المشركين على النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه ، في شعره ويشبب بنساء المسلمين ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : « مَنْ لي بابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله » ؟ . فقال محمد بن مسلمة الأنصاري : أنا لك يا رسول الله ، أنا أقتله ، قال : « فافعلْ إن قدرت على ذلك » . فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثاً لا يأكل ولا يشرب إلا ما تعلق به نفسه ، فذُكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فدعاه ، وقال له : لِمَ تركتَ الطعامَ والشراب ؟ قال : يا رسول الله قلت قولاً ولا أدري هل أفي به أم لا ، فقال : إنما عليك الجهد . فقال : يا رسول الله إنه لا بدّ لنا من أن نقول ، قال : قولوا ما بدا لكم فأنتم في حلٍ من ذلك ، فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة وسَلْكانُ بنُ سلام وأبو نائلة ، وكان أخا كعب من الرضاعة ، وعباد بن بشر والحارث بن أوس وأبو عيسى بن جُبير ، فمشى معهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجّههم ، وقال : « انطلقوا على اسم الله اللّهم أعنهم » ، ثم رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وذلك في ليلة مقمرة . فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه فقدّموا أبا نائلة فجاءه فتحدث معه ساعة وتناشدا الشعر ، وكان أبو نائلة يقول الشعر ، ثم قال : ويحك يا بن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتُمْ عليّ ، قال : أفعل ، قال : كان قدوم هذا الرجل بلادَنا بلاءً ، عادتْنا العربُ ورمونا عن قوس واحدة ، وانقطعت عنا السبل حتى ضاعت العيال وجهدت الأنفس ، فقال كعب : أنا ابن الأشرف أمَا والله لقد كنت أخبرتك يا بن سلامة أن الأمر سيصير إلى هذا ، فقال أبو نائلة : إن معي أصحاباً أردنا أن تبيعنا طعامَك ونُرهنك ونوثّق لك وتحسن في ذلك ، قال : أترهنوني أبناءكم ، قال : إنا نستحي إن يُعيَّرَ أبناؤنا فيقال هذا رهينةُ وَسْقٍ ، وهذا رهينة وَسْقَيْن ، قال : ترهنوني نساءكم ، قالوا : كيف نرهنُكَ نساءَنا وأنت أجمل العرب ولا نأمنك ، وأية امرأة تمتنع منك لجمالك ؟ ولكنا نرهنك الحلقة ، يعني : السلاح ، وقد علمت حاجتنا إلى السلاح ، قال : نعم ، وأراد أبو نائلة أن لا ينكر السلاح إذا رآه فوعده أن يأتيه فرجع أبو نائلة إلى أصحابه فأخبرهم خبره . فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه ليلاً ، فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس ، فوثب من ملحفته ، فقالت امرأته : أسمع صوتاً يقطر منه الدم ، وإنك رجل محارب ، وإن صاحب الحرب لا ينزل في مثل هذه الساعة فكلِّمْهم من فوق الحصن ، فقال : إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة وإن هؤلاء لو وجدوني نائماً ما أيقظوني ، وإن الكريم إذا دعي إلى طعنة بليلٍ أجاب ، فنزل إليهم فتحدث معهم ساعة ثم قالوا : يا بن الأشرف هلْ لك إلى أن نتماشى إلى شعب العجوز نتحدث فيه بقية ليلتنا هذه ؟ قال : إن شئتم ؟ فخرجوا يتماشون ، وكان أبو نائلة قال : لأصحابه إني فاتل شعره فأشمّه فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه ، ثم إنه شَام يدَه في فودِ رَأسه ثم شمّ يدَه ، فقال : ما رأيت كالليلةِ طيبَ عروس قط ، قال : إنه طيب أم فلان يعني امرأته ، ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن ثم مشى ساعة فعاد لمثلها ثم أخذ بفودي رَأسه حتى استمكن ثم قال : اضربُوا عدوَّ الله فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئاً ، قال محمد بن مسلمة فذكرتُ مغولاً في سيفي فأخذته ، وقد صاح عدو الله صيحةً لم يبق حَوْلَنا حصنٌ إلا أُوقدت عليه نار ، قال فوضعته في ثندوته ثم تحاملت عليه حتى بلغ عانته ، ووقع عدو الله ، وقد أُصيب الحارث بن أوس بجرح في رأسه أصابه بعض أسيافنا ، قال : فخرجنا وقد أبطأ علينا صاحبنا الحارث ونزفه الدم ، فوقفنا له ساعة ثم أتانا يتبع آثارَنا فاحتملناه فجئنا به رسول الله آخر الليل وهو قائم يصلي فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل كعب وجئنا برأسه إليه ، وتفل على جُرح صاحبنا . فرجعنا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود وقعتنا بعدو الله ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : « من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه » ، فوثب مُحَيِّصَةُ بن مسعود على سُنَيْنَة رجل من تجار اليهود كان يلابسهم ويبايعهم فقتله ، وكان حُوَيِّصَة بن مسعود إذْ ذَاك لم يُسلمْ وكان أسنَّ من محيصة فلما قتله ، جعل حويصة يضربه ويقول : أيْ عدو الله قتلته أمَا والله لرُبَّ شحمٍ في بطنك من ماله . قال محيصة : والله لو أمرني بقتلك من أمرني بقتله لضربت عنقك ، قال : لو أمركَ محمد بقتلي لقتلتني ؟ قال : نعم ، والله إنّ ديناً بلغ بك هذا لعجب ؟ ! فأسلم حويصة ، وأنزل الله تعالى في شأن كعب : { لَتُبْلَوُنَّ } لتختبرنّ ، اللام للتأكيد ، وفيه معنى القسم ، والنون لتأكيد القسم { فِىۤ أَمْوَٰلِكُمْ } بالجوائح والعاهات والخسران { وأَنفُسِكُمْ } بالأمراض ، وقيل : بمصائب الأقارب والعشائر ، قال عطاء : هم المهاجرون أخذ المشركون أموالهم ورِبَاعَهم وعذّبُوهم ، وقال الحسن : هو ما فرض عليهم في أموالهم وأنفسهم من الحقوق ، كالصلاة والصيام والحج والجهاد والزكاة ، { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ } يعني : اليهود والنصارى ، { وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ } ، يعني : مشركي العرب ، { أَذىً كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ } على أذاهم { وَتَتَّقُواْ } ، الله ، { فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } ، من حق الأمور وخيرها ، وقال عطاء : من حقيقة الإِيمان .