Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 193-195)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً } يعني : محمداً صلّى الله عليه وسلم ، قاله ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما ، وأكثر الناس ، وقال القرظي : يعني القرآن ، فليس كل أحد يلقى النبي صلّى الله عليه وسلم ، { يُنَادِى لِلإِيمَـٰنِ } ، أي : إلى الإِيمان ، { أَنْ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَـآمَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَـٰتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } ، أي : في جملة الأبرار . { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ } ، أي : على ألسِنَةِ رُسلك ، { وَلاَ تُخْزِنَا } ، ولا تُعذبنا ولا تفضحنا ولا تُهنا ، { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } . فإن قيل : ما وجه قولهم : { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ } ، وقد علموا أن الله لا يُخلف الميعاد ؟ قيل : لفظه دعاء ومعناه خبر ، أي : لتؤتينا ما وعدتنا على رُسلك ، تقديره : { فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَـٰتِنَا } { وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } لِتُؤتِينَا ما وعدتَنا على رُسلك من الفضلِ والرحمة ، وقيل : معناه ربّنا واجعلنا ممن يستحقون ثوابَك وتؤتيهم ما وعدتهم على ألسِنَةِ رُسلك لأنهم لم يتيقنوا استحقاقهم لتلك الكرامة ، فسألوه أن يجعلهم مستحقين لها ، وقيل : إنما سألوه تعجيل ما وعدهم من النصر على الأعداء ، قالوا : قد عَلِمنَا أنك لا تخلف ، ولكن لا صبرَ لنا على حِلمك فعجِّل خزيهم وانصرنا عليهم . قوله تعالى : { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي } أي : بأني : { لاَ أُضِيعُ } ، لا أُحبط ، { عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ } ، أيها المؤمنون { مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ } . قال مجاهد : قالت أم سلمة يا رسول الله إني أسمع الله يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء فأنزل صلّى الله عليه وسلم تعالى هذه الآية ، { بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } . قال الكلبي : في الدين والنصرة والموالاة ، وقيل : كلكم من آدم وحواء ، وقال الضحاك : رجالكم شكل نسائكم ونساؤكم شكل رجالكم في الطاعة ، كما قال : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } [ التوبة : 71 ] . { فَٱلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِى سَبِيلِى } ، أي : في طاعتي وديني ، وهم المهاجرون الذين أخرجهم المشركون من مكة ، { وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ } . قرأ ابن عامر وابن كثير { قتلوا } ، بالتشديد ، وقال الحسن : يعني أنهم قطعوا في المعركة ، والآخرون بالتخفيف ، وقرأ أكثر القراء : { وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ } يريد أنهم قاتلوا العدو ثم انهم قُتلوا ، وقرأ حمزة والكسائي { قتلوا وقاتلوا } وله وجهان ، أحدهما : معناه وقاتل من بقي منهم ، ومعنى قوله { وَقُتِلُواْ } أي : قُتل بعضهم ، تقول العرب قتلنا بني فلان وإنما قتلوا بعضهم ، والوجه الآخر { وَقُتِلُواْ } وقد قاتلوا ، { لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَـٰتِهِمْ وَلأًدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ } ، نصب على القطع قاله الكسائي ، وقال المبرد : مصدر ، أي : لأثيبنهم ثواباً ، { وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ } .