Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 1-3)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ بسم الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } قوله تعالى : { الۤمۤ ٱللَّهُ } . قال الكلبي والربيع بن أنس وغيرهما : " نزلت هذه الآيات في وفد نجران وكانوا ستين راكباً قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم ، وفي الأربعة عشر ثلاثة نفر يؤول إليهم أمرهم : العاقب : أمير القوم وصاحب مشورتهم ، الذي لا يصدرون إلا عن رأيه ، واسمه عبد المسيح ، والسيد : ثمالهم وصاحب رحلهم ، واسمه الأيهم ، وأبو حارثة بن علقمة وهو أسقفهم وحبرهم . دخلوا مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحِبَرات - جبب وأردية في [ جمال ] رجال بلحارث بن كعب ، يقول من رآهم : ما رأينا وفداً مثلهم ، وقد حانت صلاتهم فقاموا للصلاة في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : « دعوهم » فصلوا إلى المشرق ، [ فسلم ] السيد والعاقب ، فقال لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم : « أسلِما » قالا أسلمنا قبلك ، قال « كذبتما يمنعكما من الإِسلام ادعاؤكما لله ولداً وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير » ، قالا : إن لم يكن عيسى ولداً لله فمن يكن أبوه ؟ وخاصموه جميعاً في عيسى ، فقال لهم النبي صلّى الله عليه وسلم : « ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه ؟ » قالوا بلى قال : « ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يحفظه ويرزقه » قالوا : بلى ، قال : « فهل يملك عيسى من ذلك شيئاً ؟ » قالوا : لا ، قال : « ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ؟ » قالوا : بلى ، قال : « فهل يعلم عيسى عن ذلك شيئاً إلا ما عُلِّم ؟ » ، قالوا : لا ، قال : « فإن ربّنا صوّر عيسى في الرحم كيف شاء [ وربنا ليس بذي صورة وليس له مثل ] وربنا لا يأكل ولا يشرب » ، قالوا : بلى ، قال : « ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها ، ثم غذي كما يغذى الصبي ثم كان يطعم ويشرب ويحدث ؟ » ، قالوا : بلى ، قال : « فكيف يكون هذا كما زعمتم ؟ » ، فسكتوا " ، فأنزل الله تعالى صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها . فقال عز من قائل : { الۤمۤ ٱللَّهُ } مفتوح الميم ، موصول عند العامة ، وإنما فتح الميم لالتقاء الساكنين ، حرك إلى أخف الحركات ، وقرأ أبو يوسف ويعقوب بن خليفة الأعشى عن أبي بكر : { الۤمۤ ٱللَّهُ } مقطوعاً سكن الميم على نية الوقف ثم قطع الهمزة للابتداء وأجراه على لغة من يقطع ألف الوصل . قوله تعالى { ٱللَّهُ } ابتداء وما بعده خبر ، والحي القيوم نعت له . { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } أي القرآن { بِٱلْحَقِّ } بالصدق { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } لما قبله من الكتب في التوحيد والنبوات والأخبار وبعض الشرائع { وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنجِيلَ مِن قَبْلُ } وإنما قال : وأنزل التوراة والإِنجيل ، لأن التوراة والإِنجيل أنزلا جملة واحدة ، وقال في القرآن « نَزَّلَ » لأنه نزل مفصلاً ، والتنزيل للتكثير ، والتوراة قال البصريون : أصلها وَوْرية على وزن فوعلة مثل : دوحلة وحوقَلة ، فحولت الواو الأولى تاءً وجعلت الياء المفتوحة ألفاً فصارت توراة ، ثم كتبت بالياء على أصل الكلمة ، وقال الكوفيون : أصلها تفعلة مثل توصية وتوفية ، فقلبت الياء ألفاً على لغة طيء فإنهم يقولون للجارية جاراة ، وللتوصية توصاة ، وأصلها من قولهم : ورى الزند إذا خرجت ناره ، وأوريته أنا ، قال الله تعالى : { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِى تُورُونَ } [ الواقعة : 71 ] فسمي التوراة لأنها نور وضياء ، قال الله تعالى : { وَضِيَآءً وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ } [ الأنبياء : 48 ] وقيل هي من التوراة وهي كتمان [ السر ] والتعريض بغيره ، وكان أكثر التوراة ، معاريض من غير تصريح . والإِنجيل : إِفعيل من النجل وهو الخروج ومنه سمي الولد نجلاً لخروجه ، فسمي الإِنجيل به لأن الله تعالى أخرج به دارساً من الحق عافياً ، ويقال : هو من النَّجَل وهو سعة العين ، سمي به لأنه أنزل سعة لهم ونوراً ، وقيل : التوراة بالعبرانية تور ، وتور معناه الشريعة ، والإِنجيل بالسريانية أنقليون ومعناه الإِكليل .