Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 74-75)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ } أي بنبوته { مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } . قوله تعالى : { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } الآية ، نزلت في اليهود أخبر الله تعالى أن فيهم أمانة وخيانة ، والقنطار عبارة عن المال الكثير ، والدينار عبارة عن المال القليل ، يقول : منهم من يؤدي الأمانة وإن كثرتْ ، ومنهم من لا يؤديها وإن قلّتْ ، قال مقاتل : ( ومِنْ أهل الكتابَ مَنْ إن تأمنه بقنطار يؤدِّهِ إليك ) هم مؤمنوا أهل الكتاب ، كعبد الله بن سلام وأصحابه ، { وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } يعني : كفار اليهود ، ككعب بن الأشرف وأصحابه ، وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله عز وجل ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ) يعني : عبد الله بن سلام ، أودعه رجل ألفاً ومائتي أوقية من ذهب فأدّاها إليه ، ( ومنهم مَنْ إنْ تأمنه بدينارٍ لا يؤدِّهِ إليك ) يعني : فنحاص بن عازُورَاء ، استودعه رجل من قريش ديناراً فخانه ، قوله { يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } قرأ أبو عمرو وأبو بكر وحمزة ( يُؤدهْ ) و ( لا يُؤدهْ ) و ( نُصْلهْ ) و ( نُؤتِهْ ) و ( نُولِّهْ ) ساكنة الهاء ، وقرأ أبو جعفر وقالون ويعقوب بالاختلاس كسراً ، والباقون بالإِشباع كسراً ، فمن سكّن الهاءَ قال لأنها وضعت في موضع الجزم وهو الياء الذاهبة ، ومن اختلس فاكتفى بالكسرة عن الياء ، ومن أشبع فعلى الأصل ، لأن الأصل في الهاء الإِشباع ، { إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا } ، قال ابن عباس مُلِحّاً ، يريد يقوم عليه يطالبه بالإِلحاح ، وقال الضحاك : مواظباً أي تْواظب عليه بالاقتضاء ، وقيل : أراد أودعته ثم استرجعته وأنت قائم على رأسه ولم تفارقه ردّه إليك ، فإن فارقته وأخرته أنكره ولم يؤدهِ { ذَٰلِكَ } أي : ذلك الاستحلال والخيانة ، { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلأُمِّيِِّينَ سَبِيلٌ } أي : في مال العرب إثم وحَرجَ ، كقوله تعالى : ( ما على المحسنين من سبيل ) وذلك أن اليهود قالوا : أموال العرب حلال لنا ، لأنهم ليسوا على ديننا ولا حُرمة لهم في كتابنا ، وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم في دينهم . وقال الكلبي : قالت اليهود إن الأموال كلها كانتْ لنا فما في يد العرب منها فهو لنا ، وإنما ظلمونا وغصبونا فلا سبيل علينا في أخذنا إياه منهم . وقال الحسن وابن جريج ومقاتل : بايع اليهود رجالاً من المسلمين في الجاهلية فلما أسلموا تقاضوهم بقية أموالهم فقالوا : ليس لكم علينا حق ، ولا عندنا قضاء لأنكم تركتم دينكم وانقطع العهد بيننا وبينكم ، وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتبهم ، فكذّبهم الله عزّ وجلّ ، وقال عزّ من قائل : { وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ، ثم قال ردّاً عليهم : { بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ … }