Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 80-81)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ } ، قرأ ابن عامر وحمزة ويعقوب بنصب الراء عطفاً على قوله : ثم يقول ، فيكون مردوداً على البشر ، أي : ولا يأمرَ ذلك البشر ، وقيل : على إضمار « أن » أي : ولا أن يأمرَكم ذلك البشر ، وقرأ الباقون بالرفع على الاستئناف ، معناه : ولا يأمرُكم الله ، وقال ابن جريج وجماعة : ولا يأمرُكم محمد ، { أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا } ، كفعل قريش والصابئين حيث قالوا : الملائكة بنات الله ، واليهود والنصارى حيث قالوا في المسيح وعُزير ما قالوا ، { أَيَأْمُرُكُم بِٱلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ } ، قاله على طريق التعجب والإِنكار ، يعني : لا يقول هذا . قوله عزّ وجلّ : { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ } قرأ حمزة { لَمَآ } بكسر اللام ، وقرأ الآخرون بفتحها ، فمن كسر اللام فهي لام الإِضافة دخلت على ما ، ومعناه الذي يريد للذي آتيتكم ، أي : أخذ ميثاق النبيين لأجل الذي آتاهم من الكتاب والحكمة يعني ، أنهم أصحاب الشرائع ، ومَنْ فتح اللام فمعناه : للذي آتيتكم ، بمعنى الخبر ، وقيل : بمعنى الجزاء ، أي : لئن آتيتكم ومهما آتيتكم ، وجواب الجزاء قوله { لَتُؤْمِنُنَّ } . قوله : { لَمَآ ءَاتَيْتُكُم } قرأ نافع وأهل المدينة ( آتيناكم ) على التعظيم كما قال : { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } [ النساء : 163 ] { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } [ مريم : 12 ] وقرأ الآخرون بالتاء لموافقة الخط ، ولقوله : { وَأَنَاْ مَعَكُمْ } . واختلفوا في المَعْنِيِّ بهده الآية : فذهب قوم إلى أن الله تعالى أخذ الميثاق على النبيين خاصةً أن يُبلِّغوا كتاب الله ورسالاته إلى عباده ، وأن يُصدّق بعضهم بعضاً وأخذ العهد على كل نبي أن يُؤمن بمن يأتي بعده من الأنبياء ، وينصره إن أدركه ، وإن لم يدركه أن يأمر قومَه بنصرته إن أدركوه ، فأخذ الميثاق من موسى أن يؤمن بعيسى ، ومن عيسى أن يؤمن بمحمد صلّى الله عليه وسلم . ( وقال الآخرون : بما أخذ الله الميثاق منهم في أمر محمد صلّى الله عليه وسلم ) ، فعلى هذا اختلفوا : فمنهم من قال : إنما أخذ الميثاق على أهل الكتاب الذين أرسَل منهم النبيين ، وهذا قول مجاهد والربيع ، ألا ترى إلى قوله { ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ } ، وإنما كان محمد صلّى الله عليه وسلم مبعوثاً إلى أهل الكتاب دون النبيين ، يدل عليه أن في قراءة عبد الله بن مسعود وأُبي بن كعب { وإذْ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب } ، وأما القراءة المعروفة ( وإذْ أخذ الله ميثاق النبيين ) فأراد : أن الله أخذ ميثاق النبيين أن يأخذوا الميثاق على أممهم أن يُؤمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلم ويُصدّقوه وينصروه ، إن أدركوه . وقال بعضهم : أراد أخذ الله الميثاق على النبيين ، وأممهم جميعاً في أمر محمد صلّى الله عليه وسلم ، فاكتفى بذكر الأنبياء لأن العهد مع المتبوع عهد على الأَتباع ، وهذا معنى قول ابن عباس ، وقال علي بن أبي طالب : لم يبعث الله نبياً ، آدمَ ومن بعده ، إلا أخذ عليه العهد في أمر محمد ، وأخذ العهد على قومه ليؤمِنُنَّ به ، ولئن بُعث وهم أحياء لَيَنْصُرنَّه . قوله : { ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ } ، يعني : محمداً صلّى الله عليه وسلم ، { لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ } ، يقول الله تعالى للأنبياء حين استخرج الذرية من صلب آدم عليه السلام والأنبياء فيهم كالمصابيح والسرج ، وأخذ عليهم الميثاق في أمر محمد صلّى الله عليه وسلم ، قال { ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِى } ، أي : قبلتم على ذلكم عهدي ، والإِصر : العهد الثقيل ، { قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ } ، الله تعالى : { فَٱشْهَدُواْ } أي : فاشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم ، { وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } ، عليكم وعليهم ، وقال ابن عباس : فاشهدوا ، أي : فاعلموا ، وقال سعيد بن المسيب قال الله تعالى للملائكة فاشهدوا عليهم ، كنايةً عن غير مذكور .