Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 9-12)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ربَّنَا إنَّكَ جَامِعُ النَّاس لِيَوْمٍ } أي لقضاء يوم ، وقيل : اللام بمعنى في ، أي في يوم { لاَّ رَيْبَ فِيهِ } أي لا شك فيه ، وهو يوم القيامة { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } وهو مفعال من الوعد . قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ } لن تنفع ولن تدفع { عَنْهُمْ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلـٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ } قال الكلبي : من عذاب الله ، وقال أبو عبيدة : من بمعنى عند ، أي عند الله { شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ ، كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } . قال ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة ومجاهد : كفعل آل فرعون وصنيعهم في الكفر والتكذيب ، وقال عطاء والكسائي وأبو عبيدة : كسنة آل فرعون ، وقال الأخفش : كأمر آل فرعون وشأنهم ، وقال النضر بن شميل : كعادة آل فرعون ، يريد عادة هؤلاء الكفار في تكذيب الرسول وجحود الحق كعادة آل فرعون ، { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } كفار الأمم الماضية ، مثل عاد وثمود وغيرهم { كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ } فعاقبهم الله { بِذُنُوبِهِمْ } وقيل نظم الآية : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم } عند حلول النقمة والعقوبة مثل آل فرعون وكفار الأمم الخالية أخذناهم فلن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم { وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } . قوله تعالى : { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ } قرأ حمزة والكسائي بالياء فيهما ، أي أنهم يغلبون ويحشرون ، وقرأ الآخرون بالتاء فيهما ، على الخطاب ، أي : قل لهم : أنكم ستغلبون وتحشرون . قال مقاتل : أراد مشركي مكة ، معناه : قل لكفار مكة : ستغلبون يوم بدر وتحشرون إلى جهنم في الآخرة ، فلما نزلت هذه الآية قال لهم النبي صلّى الله عليه وسلم يوم بدر " إن الله غالبكم وحاشركم إلى جهنم " . وقال بعضهم : المراد بهذه الآية : اليهود . وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم رسول الله صلّى الله عليه وسلم المشركين يوم بدر : هذا - والله - النبي الذي بَشَّرنَا به موسى لا ترد له راية ، وأرادوا اتباعه ، ثم قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتى تنظروا إلى وقعة له أخرى ، فلما كان يوم أحد ونكب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم شَكُّوا فغلب عليهم الشقاء ، فلم يسلموا ، وقد كان بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم عهد إلى مدة فنقضوا ذلك العهد ، وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكباً إلى مكة ليستفزَّهم ، فأجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية . وقال محمد بن إسحاق عن رجاله ورواه سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً : " أنه لما أصاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قريشاً ببدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع ، وقال : « يا معشر اليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر وأسلِموا قبل أن ينزل بكم مثل ما نزل بهم فقد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم » ، فقالوا : يا محمد ، لا يغرنك أنك لقيت قوماً أغماراً لا علم لهم بالحرب ، فأصبت منهم فرصةً ، وإنا والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس " ، فأنزل الله تعالى { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ } تهزمون { وَتُحْشَرُونَ } في الآخرة { إِلَىٰ جَهَنَّمَ } { وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } الفراش ، أي بئس ما مهد لهم ، يعني : النار .