Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 33-33)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ } ، قرأ أهل المدينة وعاصم : « وقَرن » بفتح القاف ، وقرأ الآخرون بكسرها ، فمن فتح القاف فمعناه ، اقررن أي : الزمن بيوتَكُن ، من قولهم : قررت بالمكان أقرُّ قراراً ، يقال : قررت أقر وقررت أقر ، وهما لغتان ، فحذفت الراء الأولى التي هي عين الفعل لثقل التضعيف ونقلت حركتها إلى القاف كقولهم : في ظللت ظلت ، قال الله تعالى : { فَظَلْتُمْ تَفْكَهون } [ الواقعة : 65 ] ، { ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاًً } [ طه : 97 ] . ومن كسر القاف فقد قيل : هو من قررت أقر ، معناه وأقررن - بكسر الراء - فحذفت الأولى ونقلت حركتها إلى القاف كما ذكرنا ، وقيل : - وهو الأصح - أنه أمر من الوقار ، كقولهم من الوعد : عدن ، ومن الوصل : صلن ، أي : كُنَّ أهل وقار وسكون ، من قولهم وقر فلان يقر وقوراً إذا سكن واطمأن . { وَلاَ تَبَرَّجْنَ } قال مجاهد وقتادة : التبرج هو التكسر والتغنج ، وقال ابن أبي نجيح : هو التبختر . وقيل : هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال ، { تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ } . اختلفوا في الجاهلية الأولى . قال الشعبي : هي ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم . وقال أبو العالية : هي في زمن داود وسليمان عليهما السلام ، كانت المرأة تلبس قميصاً من الدر غير مخيط من الجانبين فيُرى خلقها فيه . وقال الكلبي : كان ذلك في زمن نمرود الجبار ، كانت المرأة تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه وتمشي وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال . وروى عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال : الجاهلية الأولى بين نوح وإدريس ، وكانت ألف سنة ، وأن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل ، وكان رجال الجبل صِبَاحاً وفي النساء دمامة ، وكان نساء السهل صِباحاً وفي الرجال دمامة ، وأن إبليس أتى رجلاً من أهل السهل وآجَّر نفسه منه ، فكان يخدمه واتخذ شيئاً مثل الذي يزمر به الرعاء فجاء بصوت لم يسمع الناس بمثله ، فبلغ ذلك من حولهم فانتابوهم يستمعون إليه ، فاتخذوا عيداً يجتمعون إليه فيه في السنة ، فتتبرج النساء للرجال ويتزين الرجال لهن ، وإن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فتحولوا إليهم فنزلوا معهم فظهرت الفاحشة فيهم ، فذلك قوله تعالى : { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ } . وقال قتادة : هي ما قبل الإِسلام . وقيل : الجاهلية الأولى : ما ذكرنا ، والجاهلية الأخرى : قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان . وقيل : قد تذكر الأولى إن لم يكن لها أخرى ، كقوله تعالى : { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلاُْولَىٰ } [ النجم : 50 ] ، ولم يكن لها أخرى . قوله عزّ وجلّ : { وَأَقِمْنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَـوٰةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْت } ، أراد بالرجس : الإِثم الذي نهى الله النساء عنه ، قاله مقاتل . وقال ابن عباس : يعني : عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضى ، وقال قتادة : يعني : السوء . وقال مجاهد : الرجس الشك . وأراد بأهل البيت نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأنهنّ في بيته ، وهو رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وتلا قوله : { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِى بُيُوتِكُـنَّ مِنْ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ } ، وهو قول عكرمة ومقاتل . وذهب أبو سعيد الخدري ، وجماعة من التابعين ، منهم مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما : إلى أنهم عليّ وفاطمة والحسن والحسين . حدثنا أبو الفضل زياد بن محمد الحنفي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الأنصاري ، أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعدي ، أخبرنا أبو همام الوليد بن شجاع ، أخبرنا يحيى بن زكريا ابن زائدة ، أخبرنا أبي عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة الحجبية ، عن عائشة أم المؤمنين قالت : خرج رسول الله ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجلس فأتت فاطمة فأدخلها فيه ثم جاء عليّ فأدخله فيه ، ثم جاء حسن فأدخله فيه ، ثم جاء حسين فأدخله فيه ، ثم قال : { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } . أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الحميدي ، أخبرنا عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن مكرم ، أخبرنا عثمان بن عمر ، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن شريك بن أبي نمر ، عن عطاء بن يسار ، عن أم سلمة قالت : في بيتي أنزلت : { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } ، قالت : " فأرسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين ، فقال : « هؤلاء أهل بيتي » ، قالت : فقلت يا رسول الله أمَا أنا من أهل البيت ؟ قال : « بلى إن شاء الله » " . قال زيد بن أرقم : أهل بيته مَنْ حُرِمَ الصدقةُ عليه بعده ، آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس .