Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 53-53)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } ، الآية . قال أكثر المفسرين : نزلت هذه الآية في شأن وليمة زينب بنت جحش حين بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا يحيى بن بكير ، أخبرنا الليث عن عقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني أنس بن مالك أنه كان ابن عشر سنين مَقدَم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، قال : وكانت أم هانىء تواظبني على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، فخدمته عشر سنين ، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشرين سنة ، فكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل ، فكان أول ما أنزل في مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ، أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بها عروساً فدعا القوم فأصابوا من الطعام ثم خرجوا ، وبقي رهط منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم فأطالوا المكث ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخرج وخرجتُ معه لكي يخرجوا ، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم ومشيت حتى جاء حجرة عائشة ، ثم ظن أنهم قد خرجوا فرجع ورجعت معه ، حتى إذا دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يخرجوا ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ، ورجعت معه حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة وظن أنهم قد خرجوا فرجع ورجعت معه فإذا هم قد خرجوا ، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينه الستر ، وأنزل الحجاب . وقال أبو عثمان واسمه الجعد عن أنس قال : فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وأرخى الستر وإني لفي الحجرة ، وهو يقول : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } إلى قوله : { وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ ٱلْحَقِّ } . وروي عن ابن عباس أنها نزلت في ناس من المسلمين كانوا يتحينون طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدخلون عليه قبل الطعام إلى أن يُدرَك ثم يأكلون ولا يخرجون ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأذى بهم ، فنزلت : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } يقول إلا أن تُدْعَوْا ، { إِلَىٰ طَعَامٍ } ، فيؤذن لكم فتأكلونه ، { غَيْرَ نَـٰظِرِينَ إِنَـٰهُ } ، غير منتظرين إدراكه ووقت نضجه ، يقال أَنَى الحميم : إذا انتهى حره ، وأنَى أن يفعل ذلك : إذا حان ، إِنَى بكسر الهمزة مقصورة ، فإذا فتحتَها مددتَ فقلتَ الإِناء ، وفيه لغتان إنى يأنى ، وآن يئين ، مثل حان يحين . { وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ } ، أكلتم الطعام ، { فَٱنْتَشِرُواْ } ، تفرقوا واخرجوا من منزله ، { وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } ، ولا طالبين الأنس للحديث ، وكانوا يجلسون بعد الطعام يتحدثون طويلاً فنُهوا عن ذلك . { إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى ٱلنَّبِىِّ فَيَسْتَحْيِى مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ ٱلْحَقِّ } ، أي : لا يترك تأديبكم وبيان الحق حياءً . { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَـٰعاً فَٱسْـئَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } ، أي : من وراء ستر ، فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم متنقبة كانت أو غير متنقبة ، { ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } من الريب . وقد صح في سبب نزول آية الحجاب ما أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أنا يحيى بن بكير ، أخبرنا الليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كنّ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع ، وهو صعيد أفيح ، وكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : احجب نساءك ، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء ، وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة - حرصاً على أن ينزل الحجاب - ، فأنزل الله تعالى آية الحجاب . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أخبرنا عبد الرحيم بن منيب ، أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حميد ، عن أنس قال : قال عمر : وافقني ربي في ثلاث ، قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ؟ فأنزل الله " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " ، وقلت : يا رسول الله إنه يدخل عليك البَرُّ والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ؟ فأنزل الله آية الحجاب ، قال : وبلغني بعض ما آذى به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نساؤُه ، قال : فدخلتُ عليهنّ أستقربهنّ واحدة واحدة ، قلت : والله لتنتهُنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ ، حتى أتيت على زينب فقالت : يا عمر ما كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت ، قال : فخرجت فأنزل الله عزّ وجلّ : { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ } [ التحريم : 5 ] إلى أخر الآية . قوله عزّ وجلّ : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ } ، ليس لكم أذاه في شيء من الأشياء ، { وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً } ، نزلت في رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لئن قُبضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأنكحنَّ عائشة . قال مقاتل بن سليمان : هو طلحة بن عبيد الله ، فأخبر الله عزّ وجلّ أن ذلك محرم ، وقال : { إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً } ، أي ذنباً عظيماً . وروى معمر عن الزهري ، أن العالية بنت ظبيان التي طلق النبيُّ صلى الله عليه وسلم تزوجت رجلاً وولدت له ، وذلك قبل تحريم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس .