Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 60-69)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ } ، عن نفاقهم ، { وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } ، فجور ، يعني الزناة ، { وَٱلْمُرْجِفُونَ فِى ٱلْمَدِينَةِ } ، بالكذب . وذلك أن ناساً منهم كانوا إذا خرجتْ سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقعون في الناس أنهم قتلوا وهزموا ، ويقولون : قد أتاكم العدو ونحوها . وقال الكلبي : كانوا يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ويفشون الأخبار . { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } ، لنحرشنّك بهم ولسنلطنّك عليه ، { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُنَكَ فِيهَا } ، لا يساكنونك في المدينة { إِلاَّ قَلِيلاً } ، حتى يخرجوا منها ، وقيل : لنسلطنك عليهم حتى تقتلهم وتخلي منهم المدينة . { مَّلْعُونِينَ } ، مطرودين ، نصب على الحال ، { أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ } ، وجدوا وأدركوا ، { أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } ، أي : الحكم فيهم هذا على جهة الأمر به . { سُنَّةَ ٱللَّهِ } ، أي : كسنة الله ، { فِى ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } ، من المنافقين والذين فعلوا مثل فعل هؤلاء ، { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } . قوله عزّ وجلّ : { يَسْـئَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ } ، أي : أيُّ شيء يعلمك أمر الساعة ، ومتى يكون قيامها ؟ أي : أنت لا تعرفه ، { لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } . { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَـٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ } ، ظهراً لبطن حين يسحبون عليها ، { يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } ، في الدنيا . { وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا } , قرأ أبو عامر ، ويعقوب : " ساداتنا " بكسر التاء والأف قبلها على جمع الجمع ، وقرأ الآخرون بفتح التاء بلا ألف قبلها ، { وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } . { رَبَّنَآ ءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } ، أي : ضعفي عذاب غيرهم , { وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } ، قرأ عاصم : « كبيراً » بالباء قال الكلبي : أي : عذاباً كثيراً ، وقرأ الآخرون بالثاء لقوله تعالى : { أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلـٰئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ البقرة : 161 ] ، وهذا يشهد للكثرة ، أي : مرة بعد مرة . قوله عزّ وجلّ : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ } ، فطهره الله مما قالوا ، { وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } ، أي كريماً ذَا جاهٍ ، يقال : وجه الرجل يوجه وجاهة فهو وجيه ، إذا كان ذا جاه وقدر . قال ابن عباس : كان حظياً عند الله لا يسأل الله شيئاً إلا أعطاه . وقال الحسن : كان مستجاب الدعوة . وقيل : كان محبباً مقبولاً . واختلفوا فيما أوذي به موسى : فأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا رَوْح بن عبادة ، أخبرنا عوف ، عن الحسن ومحمد وخلاس ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن موسى كان رجلاً حيياً ستيراً لا يرى من جلده شيء استحياءً منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ، فقالوا ما يتستر هذا التستر إلا من عيب بجلده ، إمّا برص إو أدرة وإما آفة ، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا ، فخلا يوماً وحده فوضع ثيابه على الحجر ، ثم اغتسل ، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجرَ عَدَا بثوبه ، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر ، فجعل يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل ، فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله ، وبرأه مما يقولون ، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضرباً بعصاه ، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً " . فذلك قوله عزّ وجلّ : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } . وقال قوم : إيذاؤهم إيّاه أنه لما مات هارون في التيه ادعوا على موسى أنه قتله فأمر الله الملائكة حتى مروا به على بني إسرائيل فعرفوا أنه لم يقتله ، فبرأ , الله مما قالوا . وقال أبو العالية : هو أن قارون استأجر مومسة لتقذف موسى بنفسها على رأس الملأ فعصمها الله وبرأ موسى من ذلك ، وأهلك قارون . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو الوليد ، أخبرنا شعبة ، عن الأعمش قال : سمعت أبا وائل قال : " سمعت عبد الله قال : قسَمَ النبي صلى الله عليه وسلم قَسْماً ، فقال رجل : إن هذه لقسمة ما أُريدَ بها وجه الله ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه ، ثم قال : « يرحم الله موسى لقد أوذي أكثر من هذا فصبر » " .