Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 7-10)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، منكرين للبعث متعجبين منه ، { هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ } ، يخبركم ، يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم ، { إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } ، قُطّعتم كل تقطيع وفُرِّقْتُم كل تفريق وصرتم تراباً { إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } ، يقول لكم : إنكم لفي خلق جديد . { أَفْتَرَىٰ } ، ألف استفهام دخلت على ألف الوصل ولذلك نصبت ، { عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ } ، يقولون : أزعم كذباً أم به جنون ؟ . قال الله تعالى رداً عليهم : { بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ فِى ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلَـٰلِ ٱلْبَعِيدِ } ، من الحق في الدنيا . قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } ، فيعلموا أنهم حيث كانوا فإن أرضي وسمائي محيطة بهم لا يخرجون من أقطارها ، وأنا القادر عليهم ، { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } ، قرأ الكسائي : « نخسف بهم » بإدغام الفاء في الباء ، { أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } ، قرأ حمزة والكسائي : « إن يشأ يخسف أو يسقط » ، بالياء فيهن لذكر الله من قبل ، وقرأ الآخرون بالنون فيهن { إِنَّ فِى ذَلِكَ } ، أي : فيما ترون من السماء والأرض ، { لاََيَةً } ، تدل على قدرتنا على البعث ، { لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } ، تائب راجع إلى الله بقلبه . قوله عزّ وجلّ : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً } ، يعني النبوة والكتاب ، وقيل : الملك . وقيل : جميع ما أوتي من حسن الصوت وتليين الحديد وغير ذلك مما خُص به ، { يَٰجِبَالُ } ، أي : وقلنا يا جبال ، { أَوِّبِى } ، أي : سبحي ، { مَعَهُ } ، إذا سبح ، وقيل : هو تفعيل من الإِياب وهو الرجوع أي : رجَّعي معه وقال القتيبي : أصله من التأويب في السير ، وهو أن يسير النهار كله وينزل ليلاً كأنه قال أوبي النهار كله بالتسبيح معه . وقال وهب : نوحي معه . { وَٱلطَّيْرَ } ، عطف على موضع الجبال ، لأن كلَّ منادَى في موضع النصبِ . وقيل : معناه : وسخرنا وأمرنا الطير أن تسبح معه ، وقرأ يعقوب : « والطيرُ » بالرفع ردّاً على الجبال ، أي أوّبي أنت والطيرُ . وكان داود إذا نادى بالناحية أجابته الجبال بصداها وعكفت الطير عليه من فوقه ، فصدى الجبال الذي يسمعه الناس اليوم من ذلك . وقيل : كان داود إذا تخلل الجبال فسبح الله جعلت الجبال تجاوبه بالتسبيح نحو ما يسبح . وقيل : كان داود عليه السلام إذا لحقه فتور أسمعه الله تسبيح الجبال تنشيطاً له . { وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ } ، حتى كان الحديد في يده كالشمع والعجين يعمل فيه ما يشاء من غير نار ولا ضرب مطرقة . وكان سبب ذلك على ما روي في الإِخبار : أن داود عليه السلام لما ملك بني إسرائيل كان من عادته أن يخرج للناس متنكراً ، فإذا رأى رجلاً لا يعرفه تقدم إليه ويسأله عن داود فيقول له : ما تقول في داود وإليكم هذا أي رجل هو ؟ فيثنون عليه ، ويقولون خيراً ، فقيض الله له مَلَكاً في صورة آدمي ، فلما رآه داود تقدم إليه على عادته فسأله ، فقال المَلَك : نعم الرجل هو لولا خصلة فيه ، فراع داود ذلك وقال : ما هي يا عبد الله ؟ قال : إنه يأكل ويطعم عياله من بيت المال ، قال فتنبه لذلك وسأل الله أن يسبب له سبباً يستغني به عن بيت المال ، فيتقوت منه ويطعم عياله ، فألاَن الله تعالى له الحديد وعلمه صنعة الدرع ، وإنه أول من اتخذها . ويقال : إنه كان يبيع كل درع بأربعة آلاف درهم ، فيأكل ويطعم منها عياله ويتصدق منها على الفقراء والمساكين . ويقال إنه كان يعمل كل يوم درعاً يبيعها بستة آلاف درهم ، فينفق ألفين منها على نفسه وعياله ، ويتصدق بأربعة آلاف على فقراء بني إسرائيل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان داود عليه السلام لا يأكل إلاّ من عمل يده " .